العدد 2480
الخميس 30 يوليو 2015
banner
صلاحيات ديوان الرقابة المالية د. حسن العالي
د. حسن العالي
الخميس 30 يوليو 2015

انتهى الفصل التشريعي دون أن يتوقف مجلس النواب أمام تقرير ديوان الرقابة المالية وما ورد فيه من تكرار لمخالفات في العديد من الوزارات والأجهزة الحكومية. وإذا كان النواب وقفوا عاجزين طوال السنوات السابقة دون أن يفعلوا شيئا تجاه هذه المخالفات، بينما جاءت المبادرة الرئيسية من الحكومة في تشكيل لجنة خاصة للتحري في المخالفات وإحالة عدد من القضايا للنيابة العامة، كذلك ما قرأناه هذا العام عن عزم دائرة مكافحة الجرائم إحالة عدد من القضايا الواردة في التقرير إلى النيابة العامة، فأننا لا زلنا نعتقد إن جزء من أسباب تواصل مخالفات الفساد والتلاعب بالمال العام في عدد من اجهزة الدولة يعود لضعف صلاحيات ديوان الرقابة المالية وقد حان الوقت لكي يعمل مجلس النواب على تصحيح هذا الوضع.
لقد وضعت منظمة الانتوساي وهي اختصار للمنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة والمحاسبة سبع معايير دولية للأجهزة المسئولة عن الرقابة على أداء الحكومات. وأولى هذه المعايير هو ضرورة وضع أطار دستوري فعال لمرجعية الديوان. أن التجارب العالمية تتفاوت بين مرجعيته لرأس الدولة سواء كان ملك أو رئيس جمهورية أو مرجعيته للسلطة التشريعية. لكن في كلتا الحالتين يجب أن يكون للمجلس التشريعي صلاحيات على عمل الديوان لكي يعطي له حصانة شعبية أكبر. ومن بين هذه الصلاحيات هي حق المجلس الشريعي الطلب من الديوان تقديم تقارير حيثما شاء وفي أي مواضيع أخرى يرتأيها “على سبيل المثال أوضاع طيران الخليج أو ممتلكات”، حيث إن قانون الديوان الحالي لا يعطي هذا الحق للسلطة التشريعية. هذا بخلاف أن الانتوساي قامت بتطوير معايير محاسبية متطورة لرقابة أجهزة الرقابة المالية على الفساد والبيئة والدين العام وأملاك الدولة والحوكمة في أجهزة الدولة، وهي معايير لا أحد يعلم أذا كان الديوان في البحرين قد أخد بها.
ومن بين الصلاحيات التي يفترض أن تكون لدى المجلس التشريعي هي الحق في تحديد محتوى وهيكل وتفاصيل وطريقة عرض ونطاق تغطية التقرير لكي يتضمن تفاصيل أكبر وتسمية الأشياء بأسمائها للاستناد اليها في التقدم بطلب المسائلة أو الاستجواب ولا يكون تقرير نمطي وانتقائي بحيث تغيب عنه كثير من القضايا الفساد الهامة  وكيفية استثمار أموال الدولة في الداخل والخارج ونفقات الأمن والدفاع “مع إمكانية الاحتفاظ بسرية الجوانب العسكرية” وغيرها الكثير.
كما يجب أن تتوسع صلاحيات ديوان الرقابة المالية لتشمل كلا من الرقابة اللاحقة والمسبقة وليس اللاحقة فقط كما هو حاصل لديوان الرقابة المالية. ولتبيان أهمية هذه النقطة في الحد من الفساد والتلاعب الإداري والمالي يخول قانون ديوان المحاسبة الكويتي صلاحيات الرقابة الادارية والمالية المسبقة. وبموجب الرقابة الادارية المسبقة، فإن على كافة الجهات المشمولة بالرقابة أن تبعث بقرارات التعيين والتوظيف والترقية للجهاز خلال عشرة ايام من صدورها لمراجعتها وله الحق في رفضها أذا وجد فيها مخالفات للمعايير الموضوعة سواء من خلال الخبرة أو الكفاءة أو الشهادة أو غيره. أما بالنسبة للرقابة المالية المسبقة ، فأن كافة المناقصات والتوريدات والمشاريع وأوجه الصرف الأخرى التي تزيد عن 100 ألف دينار يجب أيضا إرسالها لديوان المحاسبة لمراجعتها والتأكد من سلامة إجراءاتها قبل تنفيذها وله الحق في رفضها.
وأخيرا، يجب توسيع صلاحيات ديوان الرقابة المالية في التفتيش والضبط القضائي وإحالة المخالفين للنيابة العامة إذا اقتضى الأمر مع إمكانية تشكيل محكمة خاصة للبت في قضايا المخالفات الواردة في الديوان لسرعة البت فيها.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .