العدد 2478
الثلاثاء 28 يوليو 2015
banner
إشكالية التوظيف د. حسن العالي
د. حسن العالي
الثلاثاء 28 يوليو 2015

يبرز على نحو جلي أن البحرين تواجه مشكلة ظهور وتنامي ظاهرة البطالة وأصبحت تواجه وضعًا غير مسبوق بالتزايد في عدد طالبي العمل من المواطنين من خريجي الجامعات والمعاهد وغيرهم.
وإذا كانت القوى العاملة في البحرين تمتاز بسمات مشتركة من حيث انخفاض حجم القوى العاملة الوطنية بالنسبة إلى إجمالي قوة العمل وارتفاع معدلات وحجم العمالة الوافدة، إلا أن المحصلة النهائية تشير إلى الحاجة الملحة إلى تبني برامج ناجحة وقادرة على توفير المزيد من فرص العمل المناسبة للمواطنين ووضع وتنفيذ برامج ناجحة للإحلال والبحرنة سعيًا إلى تحقيق الاستخدام الكامل للقوى العاملة الوطنية وتقليل الاعتماد على العمالة الأجنبية التي أصبحت تحمل الاقتصاد أعباء وتستنزف ما يعادل ثلث عائدات النفط عن طريق التحويلات الخارجية للعمال الأجانب.
والسؤال المهم الذي يطرح نفسه مرارًا وتكرارًا هو: هل البحرين تعاني بالفعل مشكلة البطالة؟ وكيف يحدث ذلك ولا تزال العمالة الوافدة تشكل فيها نسبًا مرتفعة بالنسبة إلى إجمالي قوة العمل حيث يتراوح متوسط هذه النسبة نحو 70 - 75 % من إجمالي قوة العمل.
وهنا تبرز العديد من الأسباب التي لا ترتبط فقط بهيكلية القطاع الخاص فحسب، بل بمجمل هيكلية الاقتصاد الوطني. ولعل من أبرز المشكلات أو العوامل التي تؤدي إلى إضعاف قدرة القطاع الخاص على امتصاص الأيدي العاملة الوطنية وعلى الأخص تلك المتدنية أو المتوسطة المهارة منها، تدني مستوى الأجور، ذلك أن تحديد الأجور يتم حاليًا بواسطة الأداء الذاتي لآليات السوق وعوامل العرض والطلب.
ونتيجة لندرة الأيدي العاملة الوطنية، كان يفترض أن يفضي تفاعل آليات السوق إلى ارتفاع الأجور ولكن على العكس من ذلك فإن وجود عدد كبير من قوة العمل الأجنبية قلب المعادلة، حيث أدت وفرة العرض وزيادته على الطلب إلى اختلال ميزان الأجور واتجاهه إلى مستويات أدنى تأثرًا باشتداد المنافسة بين عارضي قوة العمل خصوصا في القطاعات التي تزداد فيها كثافة العمالة الآسيوية حيث انه من المعروف أن قوة العمل هذه - وغير الماهرة منها بوجه خاص – أقدر على المنافسة لأنها تعرض قوة عملها بثمن رخيص.
وعامل ثان حد من فعالية ونتائج برامج الإحلال والبحرنة وهو محدودية توافر المهارات والمؤهلات المطلوب لدى الباحثين عن العمل.
وثالث هذه العوامل الإسراف الزائد في استقدام العمالة الأجنبية وضعف وسائل مراقبتها وتنظيمها، فقد توافقت مجموعة من الأسباب والعوامل منذ أوائل السبعينيات ولغاية سنوات قليلة خلت، لجعل أسواق العمل تشهد تدفق أعداد هائلة ومتكدسة من العمالة الأجنبية، حيث تهافت القطاع الخاص على جلب أعداد كبيرة من العمالة الرخيصة غير المدربة، مستفيدًا من انخفاض الرسوم وسهولة إجراءات الاستقدام من الخارج مع غياب الضوابط الرقابية الصارمة للحد من مخالفات الاستخدام أو التساهل في تطبيقها. فغرقت الأسواق بفائض من العمالة الهامشية أو بعمالة تعمل بصورة غير قانونية، واعتمدت الكثير من المنشآت على الاستخدام الكثيف للعمالة الآسيوية الرخيصة، وغدت الظاهرة بشدة نمط الأنشطة الاقتصادية التي يزاولها القطاع الخاص.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية