العدد 2457
الثلاثاء 07 يوليو 2015
banner
رفع الدعم وحماية المستهلك د. حسن العالي
د. حسن العالي
الثلاثاء 07 يوليو 2015

لو انطلقنا إلى زاوية بعيدة ننظر من خلالها للكثير من الخطوات والإجراءات التي اتخذتها أو تعتزم اتخاذها الحكومة في مثل هذه المرحلة تحت عنوان عريض وهو ترشيد النفقات الحكومية سواء من خلال هيكلة الدعم الحكومي المقدم للمواد الغذائية أو الطاقة وفرض رسوم غير مباشرة على الأجانب كالتأمين الصحي الإجباري وغيرها لوجدنا أن جميع هذه الخطوات تقريبا يمكن أن تتحول في نهاية المطاف إلى تكلفة سوف تحمل على سعر المنتج النهائي الذي سوف يبتاعه المستهلك سواء خدمة أو منتج معروض في السوق، وهنا تكمن خطورة مثل هذه الإجراءات كون المواطن والمستهلك النهائي هو من سوف يتحمل أعباءها في المطاف الأخير.
ونستذكر هنا دراسة قام بها احد المكاتب الاستشارية لصالح غرفة تجارة وصناعة البحرين قبل عدة سنوات عندما أعلنت الحكومة عن رفع رسوم العمل على العمالة الأجنبية في البحرين بغية رفع تكلفة تشغيلهم ومن مثل تقريب هذه الكلف بكلفة العامل البحريني وبالتالي دفع القطاع الخاص لتفضيل البحرينيين. وقد أبدى القطاع الخاص في بداية الأمر مقاومة ورفض لمثل هذه الإجراءات. وكان الهدف من هذه الدراسة هو التعرف على حجم الأضرار التي سوف تلحق بالأنشطة الاقتصادية المختلفة في حال رفع الرسوم عليها وتهديد بعضها بالخسارة أو الإفلاس من جراء رفع الرسوم.
لكن المفاجأة كانت هي ما خرجت به تلك الدراسة من نتائج والتي أوضحت أن أكثر من 90 % من القطاعات التي يعمل بها العامل الأجنبي سوف تكون قادرة على التكيف مع هذه الرسوم من خلال تحويلها إلى تكلفة تحمل على سعر المنتج النهائي الذي يتحمله المستهلك الأخير، وهذا بالفعل ما حدث حيث إن القطاع الخاص لا يزال يفضل العامل الأجنبي على البحريني بالرغم من زيادة التكلفة ولا يزال العامل الأجنبي هو الاختيار الأول لدى القطاع الخاص.
لذلك، نحن أمام قنوات شتى وعديدة سوف تنزاح من خلالها إجراءات إعادة هيكلة الدعم إلى كاهل المستهلك الأخير، وهو ما يتوجب الانتباه له والعمل على التخفيف من آثاره ومضاره الاجتماعية، خصوصا إن هناك اتجاه قوي للمبالغة من قبل مقدمي الخدمات والمنتجات في تقييم آثار تلك الإجراءات على أسعار هذه الخدمات والمنتجات، بل إن بعضهم مثل المطاعم وغيرها بدأت بالفعل برفع أسعار الأطعمة المقدمة بحجة قرب رفع الدعم عن اللحوم.
لكن حماية المستهلك في البحرين تعاني بالفعل من ضعف تنفيذ التشريعات الخاصة بهذه الحماية مع عدم كفاية الأجهزة المشرفة على تنفيذ ذلك من أجهزة توعية وتفتيش وضبط، كما تعاني أيضا من ضعف دور مؤسسات المجتمع المدني في الرقابة.
فيجب أن يتزامن مع تلك الإجراءات تعزيز دور مؤسسات وجمعيات حماية المستهلك، حيث تشكو هذه المؤسسات من ضعف صلاحياتها وعدم التزام الأعضاء أنفسهم بأنشطتها هذا بالإضافة إلى قلة وعي المستهلك العادي، وكذلك تعاني أيضا من المشاكل المالية التي تؤثر كثيرا على نوعية أنشطتها فتجعلها منصبة في الجانب التوعوي فقط من دون القدرة على الارتكاز أو عمل الدراسات الميدانية والبحوث العلمية التي تقيس الواقع بشكل صحيح، كما تعاني من ضعف اعتراف الجهات الرسمية بدورها كشريك في الرقابة.
لذلك، في ظل التوقعات بتنفيذ إجراءات إعادة هيكلة الدعم وتوجه الغالبية العظمى من المتضررين إلى تحميل كلفة رفع الدعم على المنتج المقدم للمستهلك الأخير سواء بالنسبة للشركات أو المصانع أو المقاولين أو المطاعم وغيرهم، فأنه يتوجب إيجاد أجهزة متخصصة للرقابة والتنظيم لكل قطاع من قطاعات الخدمات العامة مدعما بالخبرات الفنية اللازمة والتي تكفل حسن الرقابة والموضوعية في التسعير وتكون لها القدرة على وقف التلاعب وتوفير حماية حقيقية للمستهلك.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .