العدد 2455
الأحد 05 يوليو 2015
banner
إقرار الميزانية د. حسن العالي
د. حسن العالي
الأحد 05 يوليو 2015

لسنا بصدد الدخول في سجالات مع النواب بخصوص إقرارهم الميزانية الحكومية للعامين 2015 - 2016 المقدمة من الدولة. والمأخذ الرئيس أنهم ركزوا على تحقيق أهداف قصيرة المدى مقابل التغافل عن البدء بوضع معالجات ولو أولوية للخلل المزمن في الميزانية.
ولا نجزم أن ما نشر من تعديلات بسيطة أجريت على الميزانية هي كل ما تم الاتفاق عليه بين النواب والحكومة. ولكن في ظل قلة المعلومات والشفافية حول المساومات والاتفاقات غير المعلنة، نلاحظ أن كل ما استطاع عمله النواب هو أخذ المبلغ الذي كان مخصصًا لفصل حسابات بابكو عن وزارة المالية والبالغ 150 مليون دينار الوارد في الميزانية التقديرية المقدمة للحكومة، وتم توزيعه على بنود أخرى مثل المنحة التي سوف تقدم للمتقاعدين، وزيادة ميزانيات بعض الوزارات والمشاريع. والنتيجة النهائية هي بقاء الميزانية دون تغيير بما في ذلك تقديرات العجز الواردة أصلا في ميزانية الحكومة مع تقديرات أن يبلغ الدين العام 7 مليارات دينار بنهاية العام 2015، ثم يرتفع إلى نحو 8.5 مليارات دينار عام 2016، أي أن سقف الدين سيتم إعادة رفعه خلال العام 2016 لكي يغطي الدين المتوقع.
إن أكثر ما يجب لف الانتباه إليه أن ميزانية الدولة بما آلت إليه اليوم فقدت بالفعل وظيفتها كأداة تخطيطية في تنفيذ برنامج الحكومة، وأصبحت ميزانية الأمر الواقع طالما النفقات الجارية تمثل 86 % من مجموع النفقات والإيرادات النفطية التي هي مرتبطة بعوامل خارجية تمثل 81 %، وأن الدين بات يمثل مصدر رئيس لتمويل العجز، حيث بات يمول نحو 40 % من النفقات.
وكمحصلة لذلك لم يبد النواب أي اهتمام لتغيير هذا الوضع سواء من خلال البحث عن مصادر إيرادات جديدة أو من خلال هيكلة نفقات الوزارات الخدمية ذات النفقات المرتفعة، بينما ظل مصير إعادة هيكلة الدعم معلقًا للدراسة لمدة ثلاثة أشهر. ويبدو واضحًا أن النواب لن يتمكنوا من إجراء أي تغييرات جوهرية على الهيكلة المقترحة من قبل الحكومة لبنود الدعم، والتي هي لغاية اليوم طي الكتمان وسرية ولا نعلم عنها شيئًا، طالما أنهم وافقوا بالفعل على الميزانية، والتي تتضمن خطوات هيكلة الدعم المنفذة من قبل الحكومة بما في ذلك دعم اللحوم. ولا نعلم أين ذهبت مطالبات النواب الحكومة بالتوافق على خطة هيكلة الدعم بصورة شاملة، وكيف سيتم التوافق عليها، وهم أقروا بالفعل سلفًا بنودها المالية دون الاطلاع على تفاصيلها.
كذلك لم نقرأ عن أي اتفاق جرى بين النواب والحكومة لتقليل الدين العام كما ورد في برنامج الحكومة، بل إن الدين سيرتفع إلى 8.5 مليارات دينار العام المقبل مما يعني وجود مخاطر كبيرة تهدد آفاق النمو الاقتصادي للبلاد، خاصة أن ميزانية الدولة في البحرين تمثل نحو 30 % من الاقتصاد الوطني، بينما تبلغ هذه النسبة 16 % في اليابان و8 في ألمانيا. وكلما زادت النسبة وعلاقة أنشطة النمو الاقتصادي بحجم بنود الميزانية كلما اعتمد النمو الاقتصادي على الميزانية، وهي ظاهرة غير صحية خاصة إذا كان مصدر تمويل هذا النمو يتم عن طريق الاستدانة من الأسواق العالمية، وبكلف باهظة تفوق معدلات النمو الحقيقية نفسها. ولا ننسى انعكاسات ذلك على تصنيف البحرين الائتماني، وتعقد شروط التمويل، وارتفاع نفقته الباهظة، بينما التجربة اليونانية التي أغرقها تفاقم الدين العام ماثلة بكل مآسيها أمامنا.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية