العدد 2450
الثلاثاء 30 يونيو 2015
banner
فرض الضرائب د. حسن العالي
د. حسن العالي
الثلاثاء 30 يونيو 2015

يبدو أن فرض الضرائب ليس على مستوى البحرين فحسب، بل على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي هو الهاجس المسكوت عنه إعلاميًا واجتماعيًا، ولكن الملح اقتصاديًا.
وخلال الشهر الماضي، أقر وزراء المالية الخليجيون اتفاقية لفرض ضريبة القيمة المضافة خليجيًا على أن تصادق عليها كل دولة على حدة؛ تمهيدًا لتطبيقها. وتُعد ضريبة القيمة المضافة ضريبة غير مباشرة، وتفرض على الفارق بين سعر التكلفة وسعر المبيع للسلع.
ابتداءً لابد من التأكيد أن الضرائب كانت في الأصل تعتبر جباية يفرضها الحاكم على رعيته لتدخل خزينته الخاصة دون أن يسأله عنها أحد. وقد تطورت وظيفة الضرائب لاحقًا لتمثل أحد مصادر دخل الخزينة العامة؛ بهدف الإنفاق على الخدمات العامة كالرعاية الصحية والتعليم، وإنشاء الطرق والسكك الحديدية، وغيرها. بعدها، تطور دور الضرائب لتؤدي وظائف جديدة، حيث باتت تركز على الجوانب التنموية والاجتماعية، فهي باتت تعرف كإحدى أدوات السياسية النقدية التي تستخدم تارة في تحفيز النمو الاقتصادي أو كبح جماح التضخم أو تحقيق العدالة الاجتماعية.
لذلك، فإننا عندما نتحدث اليوم عن احتمالات فرض الضرائب علينا أن نحدد أولا الأهداف التنموية والاجتماعية لفرض الضرائب، ولا يجب النظر إليها كأداة لزيادة الإيرادات المالية.
يذكر أن صندوق النقد الدولي كان قد اقترح أن تقوم البحرين مع بقية دول مجلس التعاون الخليجي بفرض أنواع عدة من الضرائب التي يمكن أن تعزز الإيرادات غير النفطية، منها ضريبة الدخل على الشركات، وضريبة الاستهلاك، وضريبة القيمة المضافة، وضريبة الرسوم علاوة على إلغاء أي استثناء ضريبي على المشاريع. إلا أن تقرير الصندوق يعيد للتأكيد أن فرض مثل هذه الضرائب يجب أن يكون ضمن مجموعة من الإجراءات والأدوات الهادفة إلى تحقيق التنمية المستدامة والاستقرار الاقتصادي بدول المجلس.
إن الأوضاع الاقتصادية بدول المجلس توضح أنه حتى في السنوات التي ارتفعت فيها أسعار النفط خلال الفترة الماضية كان يفترض أن تحدث الفوائض المالية الملموسة في موازنات الدول الخليجية النفطية انعكاسات إيجابية على بقية القطاعات والأنشطة الاقتصادية؛ بهدف تحقيق تنويع الدخل، إلا أن ذلك لم يحصل إلا بنسب متفاوتة. ولعل أحد أهم الأسباب لذلك هو غياب أدوار السياسية النقدية، ومنها السياسات الضريبية التي تسهم في إعادة توجيه الموارد المالية نحو قطاعات معينة أو تخلق الحوافز لزيادة الاستثمارات في قطاعات أخرى، كما تسهم في التوزيع العادل للثروة.
إذا الضرائب لا ينظر لأهميتها في ضوء تراجع الإيرادات النفطية الراهنة، والحاجة لتعزيز إيرادات الدولة لتقليل العجز في الميزانية فحسب، بل كونها أداة مهمة من أدوات السياسة النقدية التي تلعب أدوارا مؤثرة ومهمة سواء ارتفعت الإيرادات النفطية أو انخفضت.
لذلك، فإن على البحرين وبقية دول المجلس النظر بجد في موضوع الضرائب بمختلف أنواعها (ضريبة القيمة المضافة والضريبة على الشركات)، ولكن يجب أن يتم ذلك في إطار إستراتيجية متكاملة للإصلاح الاقتصادي؛ بهدف تحقيق التنمية المستدامة، وبشرط أيضًا أن يتم إعادة ضخ جزء من إيرادات الضرائب لرفع المستوى المعاشي للمواطنين الذي شهد تدهورًا خلال الخمسة عشر عامًا الماضية وذلك من خلال تطوير أنظمة الرعاية الصحية والإسكانية والتعليمية والدعم المالي المباشر للأسر والفئات المحتاجة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية