العدد 2415
الثلاثاء 26 مايو 2015
banner
التصنيف الائتماني د. حسن العالي
د. حسن العالي
الثلاثاء 26 مايو 2015

يزور وفد من وكالة التصنيف الائتماني فيتش (FITCH RATINGS) البحرين هذه الأيام لإصدار تصنيف محدث للديون السيادية البحرين وذلك بعد أن أقدمت هذه الوكالة في ديسمبر الماضي على إبقاء الديون السيادية طويلة الأجل بالعملة الأجنبية عند BBB دون تغيير ولكنها غيرت النظرة المستقبلية من مستقرة إلى سالبة.
وفي شهر فبراير الماضي خفضت مؤسسة التصنيف الائتماني ستاندرد أند بورز تصنيف البحرين إلى BBB-/A-3 من BBB/A-2 مع نظرة مستقبلية سلبية وهي الأدنى ما قبل النزول إلى درجة تصنيف غير استثماري.
وسواء أخذنا تصنيف فيتش أو ستاندرد أند بورز فإن القاسم المشترك بينهما هو القلق من تأثيرات تراجع الإيرادات النفطية على ميزانية الدولة ومن ثم ارتفاع العجز المالي. وفي ديسمبر الماضي قدرت فيتش نقطة التعادل للبحرين بـ 130 دولارا بينما قدرت سعر برنت لعام 2015 بـ 85 دولارا للبرميل. كما لاحظت ضعف المرونة المالية للميزانية حيث إن الإيرادات غير النفطية لا تمثل سوى 14 % من الميزانية، بينما تستحوذ الرواتب والدعم على 70 % من الميزانية.
وسوف يقوم التقييم الجديد لفيتش على مؤشرات الميزانية الجديدة للدولة حيث تتوقع فيتش، ولكي تقوم بتحسين تصنيفها الائتماني للبحرين، خفضا في النفقات الرأسمالية وإعادة توجيه النفقات الجارية وإجراءات إضافية لتنويع الموارد المالية إلى جانب خفض الدعم من خلال توجيهه لمستحقيه. وباستثناء هذا الإجراء الأخير فقد خلت الميزانية من إجراءات لتحقيق الأهداف الأخرى. وتقدر نسبة العجز إلى الناتج المحلي الاجمالي عند 12 %. وبضوء هذه المؤشرات يرجح أن تتبع فيتش ستاندرد اند بورز في تخفيض التصنيف الائتماني للبحرين وهو ما يعقد الأمور أكثر خاصة عند اللجوء لأسواق المال العالمية للاقتراض.
وتركيز مؤسسات التصنيف الائتماني على الميزانية العامة للدولة بالنسبة للبحرين في منح التصنيف الائتماني، وأيضا بالنسبة للدول التي تعتمد على مصدر ريعي واحد في تحريك اقتصادها، لا ينطلق من فراغ لكون الإنفاق العام في هذه الدول هو المحرك الرئيس للاقتصاد بخلاف الدول المتقدمة. فعلى سبيل المثال تكون الميزانية العامة في ألمانيا 8 % من الناتج المحلي الاجمالي و14 % في اليابان بينما تمثل في البحرين 30 %. وإذا أخذنا بالاعتبار الأنشطة المرتبطة مباشرة بالنفط في الناتج المحلي، فإن النسبة تصل إلى 50 % مما يوضح الترابط المباشر والكبير بين وضعية الميزانية وبين الاقتصاد الوطني.
ومن ثم فإن الحديث الذي يفرض نفسه هو كيفية تخلص الاقتصاد تدريجيا من هيمنة الإنفاق الحكومي والنفط. فالدول الأخرى التي تكون الموازنة جزءاً بسيطا من اقتصادها تستطيع مواصلة النمو بغض النظر عن حال الميزانية مما يقوي من أوضاعها الائتمانية.
وغني عن القول إن الميزانية المقدمة تعتبر أول تحدٍ رئيسي لصدقية برنامج عمل الحكومة الذي تضمن بندا واضحا بشأن السيطرة على الدينا لعام وتقليله خلال مدة البرنامج بينما ما سوف نشهده هو ارتفاع كبير في الدين على مدى فترة الميزانية إلى 75 % من الناتج المحلي الاجمالي، ويبدو إن البدائل المطروحة معدومة لتأخر وعدم جدية الحلول والمعالجات على مدى السنوات الماضية، وهذا موضوع أخر لنا عودة معه.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية