العدد 2387
الثلاثاء 28 أبريل 2015
banner
داعش ظهير الأسد وطهران غسان المفلح
غسان المفلح
الثلاثاء 28 أبريل 2015

مخيم اليرموك رئة دمشق السياسية، مخيم اليرموك عنوان لسوريا التي فتحت ذراعيها لكل إنسان، بغض النظر عن أي اعتبار آخر. سوريا التي امتزجت فيها كل الحضارات والأقوام والأديان والطوائف، هذه السوريا بقيت كذلك عبر التاريخ حتى حل بسوريا وباء آل الأسد. سوريا استقبلت الأرمن والشركس استقبلت مسيحيي لبنان وشيعتها، استقبلت الفلسطينيين في عام 1936 وعام 1948 وعام 1967 كمواطنين قبل أن يضرب سوريا هذا الوباء الأسدي. لم نكن نشعر كسوريين أطفالا ونساء ورجالا ان هنالك فرقا بيننا وبين الفلسطيني. هكذا كان مخيم اليرموك قبل الأسدية وبعدها وكان خلالها رغم محاولاتها الدائمة، لشراء الذمم وتمييز البشر حسب ولائهم للأسدية.
لم يكن خافيا على أي فلسطيني حقيقي عداء الأسدية للقضية الفلسطينية الا جماعة احمد جبريل ومن على شاكلتهم هذه الجماعة التي تقاتل مع داعش الآن لاجتياح المخيم، وتحاصر ساكنيه، لأن الأسدية عدو مطلق للإنسان. سؤال كل الذين يتفذلكون وينظرون عن التطرف الإسلامي والإرهاب، لماذا داعش لم تكمل عملها في العراق وانتقلت الى سوريا بكل ما تستطيع من قوة عسكرية؟
ليس من باب أنها ليست تنظيما يتبنى الجهادية السلفية، بل من باب ماذا تكسب من هذا الانتقال من معركتها الأساسية في العراق؟ هل تستطيع مثلا ان تكسب أموالا من الأسد وتدفعها في العراق لمقاتلة حكومة طهران كما تدعي؟ أو لتقاتل أميركا كما يدعي بعض قادتها وحلفائها من بعثيي صدام، علما ان جل قادتها العراقيين هم من بقايا بعثيي صدام؟
لماذا تشكلت داعش ليبيا من بقايا القذافية؟ فكرتي في هذه المادة بسيطة جدا. تتعلق بأن داعش تركة أبومصعب الزرقاوي وعزت الدوري وهجين من البعثات التبشيرية القاعدية التي كانت ترسلها المخابرات السورية والإيرانية وغيرها للعراق!. ماذا ستجني من دخولها سوريا؟ وكيف؟ هي لا تريد القدوم للمناطق الاسدية، لأنه حليفها القديم المتجدد، ويكلفها ذلك الكثير.
لهذا تسللت إلى المناطق التي حررها الجيش الحر من سيطرة الأسدية، وساهم الأسد في تسليمها الرقة، ومنها بدأت التمدد في مناطق محررة أساسا من سيطرة الأسد. وتستولي على ثرواتها وخيراتها، وساعدها أيضا تواطؤ اوبامي واضح لا يقبل الجدل، خصوصا عندما أطلقت حكومة المالكي برعاية الخامنئي كل مرتزقة القاعدة وأصحاب السوابق من السجون العراقية وأرسلتهم لداعش قدرت أعدادهم بأكثر من 1200، ومن ثم اوعزت لقواتها ان تترك أسلحتها امام قلة من المقاتلين الداعشيين، وتركوها تحتل الموصل وبعض الانبار. التيار الإسلامي عموما تيار ساهم في هذا الخرق لاعتبارات يعتبرها آيديولوجية، لكنه ليس هو العامل الأساسي في نشوء داعش وتمددها إلى سوريا، واحتلالها الموصل ثاني المدن العراقية.
لماذا تحتل داعش المدن السنية سواء في سوريا أو قبلها في العراق؟ لماذا لا تعدم ولا تنكل ولا تقتل بشكل عام إلا من أهل السنة؟ اليست كما تقول إدارة أوباما إرهابا سنيا؟ او كما يقول بعض منظري الإسلامفوبيا؟ ما كان من داعش إلا أن سرقت وتقاسمت ثروة الشعب السوري مع الأسدية، والتجارة النفطية بينهما عامرة. هذا من جهة ومن جهة أخرى والأهم تنظيم كداعش على فرض أنه يتمتع باستقلالية ولو نسبية! هل يمكن ان يتخلى عن حليفيه الأساسيين الأسدية والخامنئية؟ بالعربي المشرمحي “ما بتزبط” لأنها معاداة من كل دول العالم، فكيف ستتحرك بالعراق وجواره؟ لهذا حاولت بعض الأوساط لكي تبرر ذلك وتجيب عن بعض هذه الأسئلة أن تتهم تركيا بدعم داعش وهذا امر يدعو للضحك والسخرية. لأنه لا مصلحة بتاتا لتركيا في ذلك بل العكس هو الصحيح داعش كانت وبالا على تركيا، وعلى استراتيجيتها في سوريا والعراق، لأنها حليفة قوية لرئيس إقليم كوردستان مسعود البرزاني.
داعش لا يمكن أن تترك حليفها أبدا، لكنها من منطق آخر تحاول ان تكون مستقلة نسبيا عنهما لكي تعطي مصداقية لوجودها، الذي يقتل السنة قبل أي مكون آخر من مكونات سوريا والعراق الطائفية وغير الطائفية. ما قتلته داعش من الجيش الحر في سوريا يفوق ما قتلته الأسدية.
هذه قضية أيضا لا تحتاج لكثير عناء لتأكيدها، داعش جزء اصيل من الأسدية والخامنئية والأوبامية هذه هي النتيجة ببساطة. الصوملة الأوبامية في سوريا والعراق قدمتها له الداعشية على طبق من فضة، هنا يكمن جوهر التقاطع الأوبامي الخامنئي. لهذا قلت داعش ظهير الأسدية، فهي تقتحم المخيم الآن، من اجل ان تخدم الأسدية، ماذا يفيدها اقتحام المخيم في جهادها بالعراق؟ لهذا سمت نفسها دولة العراق والشام... شيء يدعو للضحك الأسود، من يعتقد ان داعش عدوة للأسدية والخامنئية. أبوبكر البغدادي ليس سوى عميل صغير لا أكثر ولا أقل. وهي عدوة للشعب السوري مثلها مثل الاسدية، لأن الاسدية أصل البلاء. “حدا” يخبرنا ماذا حصل بالتحالف الأوبامي ضد داعش؟ أين وصل؟ داعش في النهاية جزء مما يسمى الحشد الشعبي الشيعي العراقي الذي يقتل أهل السنة، اما في سوريا فهي جزء اصيل من الاسدية لا غبار عليه. ما شاء الله عليها متعددة الوظائف. إيلاف.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .