منذ أن ظهر على الساحة كمرشح للرئاسة الأميركية وهو يلقي الآراء المتطرفة والمواقف المنفلتة ويقترح السياسات الخالية من كل عقل أو منطق، إلا أن كل ذلك لم يكن كافيًا ليتأكد الناخب الأميركي بل والمواطن الغربي من عدم صلاحية دونالد ترامب لأن يتولى أية مسؤولية، فما بالك برئاسة أكبر دولة في العالم وأهمها، لأن تركيز الرجل كان على العالم الإسلامي، وهو أمر لا يشكل بالنهاية المحك الحقيقي للاختيار.
ترامب حول المناظرات التي كانت ملمحًا جيدًا وإيجابيًا من ملامح انتخابات الرئاسة الأميركية إلى مناسبة للردح وتبادل السباب والشتائم، بعيدًا تمامًا عن مقاصدها كحدث يجري لكي يتعرف الناخب على أفكار ورؤى وأطروحات من يختاره رئيسًا له حتى لا يصطدم بعد ذلك بشخصية غير جديرة بهذا المنصب.
ففي المناظرة الثالثة التي جرت قبل أيام قليلة استطاع ترامب أن يجر كلينتون إلى نفس المنطقة التي يتم فيها توجيه الشتائم واستخدام الألفاظ والتعبيرات غير اللائقة وذلك لكي يداري خيبته السياسية ولا يظهر جهله وعدم قدرته على تكوين رأي محترم تجاه أية قضية تشغل بال الناخب الأميركي.
لو مرت الأمور على ذلك النحو فقط، ربما استطاع ترامب أن يواصل مسيرته دون أي ازعاج أو ضغط، إلا أنه تجرأ لدرجة لا يمكن أن يحتملها النظام الأميركي والغربي، وذلك عندما أبدى امتعاضًا من النقد، واتهم وسائل الإعلام بالانحياز، وأعرب عن عدم ثقته في النظام الانتخابي، ورفض التعهد بقبول نتائج الانتخابات لأنه يمكن التلاعب بها، فهنا فقط تأكد لكل أميركي وغربي أن ترامب غير مؤهل للترشح إلى الرئاسة الأميركية من الأساس، خصوصا أن هناك إيمانا كبيرا بعدالة هذا النظام الانتخابي الذي تم إقراره بعد تضحيات ونضال طويل.
ترامب عندما وجه اتهامات كثيرة للعالم الإسلامي لم يكن أحد يبالي بذلك، لكنه بدأ يقترب من القيم التي يدعي الغرب أنه يحميها، وعندما أظهر ـ خلال المناظرات الثلاث التي جرت بينه وبين المرشحة للرئاسة هيلاري كلينتون ـ عدم احترام للديمقراطية الأميركية، هنا قامت الدنيا ضده وتكاثرت الأصوات التي تحذر من مخاطره على أميركا والغرب، والتي تؤكد أنه متطرف وغير  مؤهل حتى للترشح إلى منصب الرئاسة، وطالب الكثيرون بإبعاده عن السباق الرئاسي حتى لا يسمم الديمقراطية الأميركية.