العدد 2840
الأحد 24 يوليو 2016
banner
فشل الرهان على الشباب في إيران عطا السيد الشعراوي
عطا السيد الشعراوي
ستة على ستة
الأحد 24 يوليو 2016

ربما فقد العالم كله الأمل في إصلاح النظام الإيراني الحالي في ظل الشواهد الواضحة لسياساته الخرقاء وتصرفاته الحمقاء التي تشعل الأزمات وتزيد التوترات ولا تحترم أية عهود أو اتفاقات، ما جعل دولا ومن بينها الولايات المتحدة الأميركية تضع رهانها على الأجيال القادمة بأن تكون معتدلة، وهو ما دفعها إلى ابرام الاتفاق النووي مع ايران في شهر يوليو من العام 2015 رغم الانتقادات الكثيرة والهجوم الذي صاحب هذا الاتفاق وخصوصا من قبل الدول العربية كونها الأشد تضررًا من الممارسات الإيرانية والأكثر قلقًا من التداعيات الخطيرة لمثل هذا الاتفاق ولمعرفتها بأنه سيؤدي إلى مزيد من الصلف والتعنت الإيراني ومزيد من الدعم لجماعات إرهابية في المنطقة ومزيد من الصرف على الأنشطة التخريبية.
يبدو أن الرئيس الأميركي باراك أوباما كان يراوده أمل إما بتغير سياسة إيران بعد توقيع الاتفاق النووي الذي مثل بوابة واسعة لعودة طهران للساحة الدولية لتمارس دورها بشكل طبيعي كما تفعل غيرها من الدول، أو أن تتغير الدولة الإيرانية نفسها وطبيعة مجتمعها ونظامها بعد فترة من الزمن ولهذا حرص على وضع بنود تضمن أن يبقى البرنامج الإيراني النووي سلمياً لمدة 15 عاماً على الأقل.
أما عن تغيير سياسة إيران، فهو أمر لم يحدث، فقد نشرت صحيفة الوطن الإماراتية في عددها الصادر في 9 مايو الماضي خلاصة الدراسة التي قدمها المستشار السابق للرئيس باراك أوباما لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومنطقة الخليج العربي، فيليب جودون، الذي أوضح في تقرير بعنوان “العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران على مفترق الطرق”، أن اللهجة الإيرانية العدائية تجاه دول الخليج العربي، وخصوصا السعودية، وأوروبا والولايات المتحدة الأميركية لم تتغير بعد الاتفاق النووي، بل على العكس من ذلك، فقد زادت عدوانيتها وتنوعت تدخلاتها السلبية في دول الشرق الأوسط ، مشيرًا إلى أن طهران الآن في وضع أفضل يمكنها من بسط نفوذها المزعزع للاستقرار في جميع أنحاء الشرق الأوسط المبتلى أصلا بالصراعات.
واعترف جوردون بأنه لم يكن يتصور من الناحية الواقعية أن تؤدي الصفقة لتغييرات فورية في سياسات إيران، وكانت هناك قناعة عامة أن الاتفاق النووي سوف يقيد برنامج تسليحها النووي المحتمل بالوسائل السلمية، في حال عدم وجود بدائل أفضل، وهو ما قد يؤدي إلى تغيير سلوك إيران مع جيرانها نحو السلام والحلول السلمية للصراعات في المنطقة بالتدريج وعلى المدى الطويل، قائلاً: “اليوم، أدركنا كفريق أن مدة هذه الصفقة 10 - 15 عاما ضئيلة جدا لتغيير سلوك إيران العدائي نحو جيرانها، ولم يؤد رفع القيود عن إيران إلى أي اختلاف. لقد كان هناك رهان بأن إيران سوف تصبح لاعبا دوليا مسؤولا، يعامل مواطنيه بشكل أفضل، لكن يبدو أن النظام الذي يحكم البلاد حاليا سوف يبذل كل ما في وسعه للحفاظ على سلطته، بما في ذلك اللجوء للقمع الداخلي العنيف”.
أما عن الرهان على المستقبل أو بمعنى آخر على الأجيال الإيرانية القادمة، فهو أمر بات مستبعدًا أيضًا، فقد أكدت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية في افتتاحيتها مؤخرًا ـ ونشرتها الجزيرة نت ـ أن إيران تعلم أبناءها الدكتاتورية والكرْه من خلال تدريسها المناهج التي تحث على ذلك في مدارسها، والجيل الإيراني القادم لن يكون أكثر اعتدالا ممن يحكمون البلاد الآن.
واستشهدت الصحيفة بالتقرير الصادر عن معهد “إمباكت-أس.أي” ومقره القدس والذي يراقب محتويات الكتب المدرسية في الشرق الأوسط، والذي أوضح عددا من الأمور التي تنبئ بجيل إيراني أكثر تطرفًا، ومن بينها:
ـ  “كتاب التربية الاجتماعية للصف التاسع بإيران يقول إن الكل مُنقاد ومطيع لولاية الفقيه، وهو المرشد الأعلى علي خامنئي. وإن قادة النظام في إيران معصومون عن الخطأ، وإن وحيا إلهيا يأتيهم لا يقبل أية انتقادات”.
ـ كتاب الصف الخامس للعام الدراسي الذي يظهر أطفالا فلسطينيين يهاجمون الجنود الإسرائيليين بالمقاليع، مصحوب بصورة مؤسس النظام آية الله الخميني وعبارته التي يقول فيها “إسرائيل يجب أن تُمسح عن الوجود” وتم تصوير الولايات المتحدة كقوة عدوانية مهيمنة.
ـ كتاب الصف الـ 12 يشير إلى أن الخبراء يمكنهم شراء واستخدام أسلحة جديدة.
ولهذا، خلصت الصحيفة إلى القول إن رهان أوباما على أن الشباب الإيراني سيكون أكثر اعتدالا من الأصوليين الدينيين الذين يحكمون البلاد الآن لا حظّ له في الفوز.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .