العدد 2812
الأحد 26 يونيو 2016
banner
التحرير المعيب عطا السيد الشعراوي
عطا السيد الشعراوي
ستة على ستة
الأحد 26 يونيو 2016

في مساء السابع عشر من يونيو الجاري، أعلن رئيس الحكومة العراقية القائد العام للقوات المسلحة، حيدر العبادي تحرير مدينة الفلوجة من سيطرة داعش، قائلاً في خطابٍ متلفز “لا مكان لداعش في العراق.. ارحلوا عن بلدنا فالعراق للعراقيين، إن جميع العراقيين شاركوا في تحرير الفلوجة، إن الموصل وجهتنا المقبلة، قواتنا تحكم سيطرتها على قلب الفلوجة”.
لكنه استدرك قائلاً: “قواتنا احكمت سيطرتها على داخل المدينة لكن هناك بعض البؤر التي تحتاج الى تطهير خلال الساعات القادمة”.
الحملة التي سبقت الإعلان عن تحرير الفلوجة كانت توحي بأن المدينة أصبحت آمنة مطمئنة وخالية من اي تواجد للإرهاب الداعشي في كل مناطقها، لكننا فوجئنا أنه تحرير جزئي وليس كاملاً، وهو ما يفسر إعلان قائد عمليات الأنبار في الجيش العراقي اللواء الركن إسماعيل المحلاوي في الثاني والعشرين من شهر يونيو انطلاق المرحلة الثانية من عمليات تحرير منطقة الحصي وصولا إلى سد الفلوجة جنوب المدينة.
هذا على صعيد الهدف الذي تحقق، أما على صعيد الوسيلة والآلية فقد تزامن الإعلان عن تحرير الفلوجة، مع تأكيدات للأمم المتحدة بوقوع انتهاكات خطيرة لحقوق الانسان للمدنيين الفارين من مدينة الفلوجة ارتكبتها عناصر التنظيمات المسلحة التي تحارب الى جانب القوات العراقية، مشيرة إلى أن مفوضية المنظمة الدولية العليا لحقوق الانسان حصلت على شريطين مصورين يظهران حادثتين جديدتين تثبتان وقوع انتهاكات لحقوق الانسان بحق المدنيين، حيث يظهر واحد من الشريطين رجلا وهو يتعرض للضرب على رأسه ثم يسحل من سيارة عسكرية، بينما يظهر الآخر جمعا من الناس وهم يضربون بأعقاب البنادق ويركلون في رؤوسهم. ويظهر مرتكبو الحادثتين وهم يرتدون الزي العسكري.
لهذه الأسباب، اعتبر العقيد الأميركي المتقاعد أنتوني دين في مقال بمجلة فورين بوليسي الأميركية مؤخرا الإعلان عن تحرير مدينة الفلوجة العراقية أمرا معيبا، وهو وصف له دلالة عميقة وخاصة أنه يأتي من رجل شارك في عمليات درع الصحراء وعاصفة الصحراء وحرب كوسوفو وغزو العراق، حيث تساءل: هل نقوم بتدمير المدن وتحويلها إلى أنقاض ونقول إننا حررناها، كما حدث قبل ذلك في الرمادي التي أصبحت خاوية على عروشها بعد أن اشتركت القوات العراقية وبعض مقاتلي العشائر والحشد الشعبي الشيعي بمساندة أميركية جوية لاستعادتها من سيطرة داعش، مشيرًا إلى أن الأمور تسير بالفلوجة كما في الرمادي.
وقال دين: “الرمادي التي يقطنها نحو أربعمئة ألف نسمة أصبحت دمارا من أجل أن نقول إننا حررناها، إن الفلوجة الآن تواجه المصير نفسه، فالقوات العراقية توغلت في المدينة، لكننا نسمع عن تعرض المدنيين لانتهاكات وحشية وفظائع على أيدي المليشيات الشيعية وداعش”.
ورأى العسكري الأميركي أن الحكومة العراقية لا تسير في الاتجاه الصحيح لأنها تركز على قتل قادة المجموعات الإرهابية وهو حل مؤقت لن يحل مشكلة الإرهاب، مستشهدًا بتجربته الخاصة في مدينة الرمادي العراقية حيث كان مسؤولا عن كتيبته في 2006، وتمكنوا آنذاك من قتل أبومصعب الزرقاوي، أمير تنظيم القاعدة في العراق وهو الأمر الذي لم يؤد لحل المشكلة بل أدى إلى توافد الإرهابيين من كل أنحاء العالم إلى العراق، وإدخال البلاد في مزيد من الفوضى.
واعترف العسكري دين بأن الطائفية هي ما أوصلت العراق إلى ما هو عليه الآن وعرقلت كل الحلول السياسية، وهي التي تجسدت في أبشع صورها في رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي باستعدائه غير المسبوق  للسنة واستعداء وتطهير الزعماء السنة من المناصب العسكرية والحكومية، وهو ما ساهم بقوة في ظهور داعش.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .