العدد 2784
الأحد 29 مايو 2016
banner
ارفعوا الحصار عن غزة عطا السيد الشعراوي
عطا السيد الشعراوي
ستة على ستة
الأحد 29 مايو 2016

هي قصة قطاع لم يجد من يعطف على أبنائه، وأرض يرغب البعض في إحراقها بكل ما عليها من أخضر ويابس، وشعب يسعى البعض لإنهاء وجوده من على سطح الأرض، فظل محاصرًا ومخنوقًا بأبشع أنواع الحصار وأسوأ مظاهر القيود والأغلال كي لا يستنشق الهواء ولا يجد الماء ولا يسعفه دواء فيموت موتًا بطيئًا دون حرب ظاهرة أو اسلحة واضحة. هذه القصة لم تجد في صحفنا وإعلامنا من يسلط الضوء عليها أو يتعاطف معها،  حيث إن مثل هذه القصص الإنسانية حتى وإن كانت تتعلق بأبناء عرب وأشقاء مسلمين إلا أنها ليست من ذلك النوع الذي يجذب الانتباه ويحقق الأرباح والمشاهدة. ولكن بعد أن طال الخناق واشتد الحصار، استيقظ ضمير بعض الصحف الإسرائيلية وطالبت برفع هذا الحصار، ومن بينها صحيفة هآرتس، حيث جاء بموقع الجزيرة نت أن الصحيفة نشرت مؤخرًا افتتاحية أكدت فيها أنه آن الأوان لتحرير قطاع غزة من الأزمة الإنسانية الخانقة التي يعيشها، مشيرة إلى أن سكان القطاع سيحيون الشهر المقبل مرور عقد كامل على فرض الحصار المحكم عليه، في وقت يعيش فيه نحو مليوني إنسان يرون أنفسهم مسجونين في أجواء غير قابلة للحياة، وذكرت الصحيفة مجموعة من الحقائق الموجعة والمؤلمة حقًا التي توضح إلى أي مدى تتلاعب إسرائيل بأبناء قطاع غزة وإلى أي مدى قست قلوبنا إزاء هذه المعاناة الإنسانية، ومن بينها ما يلي:
ـ إن مرور عقد على حصار قطاع غزة يشكل فرصة لمعرفة كم يمكن للإنسان هناك أن يتحمل هذه الحياة، وهو منقطع عن العالم الخارجي، والبيئة الثقافية المحيطة به، ومحروم من أي أفق اقتصادي أو وطني.
ـ من أجل إبقاء هذه البقعة الجغرافية - المسماة غزة - على قيد الحياة تقوم إسرائيل بإدخال جرعات متقطعة من مواد البناء، وبعض المواد الغذائية والأدوية، وفي أحيان نادرة تسمح بخروج المئات من سكان غزة إلى الخارج، حيث خرج منذ يناير الماضي أقل من ألف فلسطيني منها.
ـ إغلاق غزة ليست له أية مصداقية، فهو يمنع سكانه من الخروج لتلقي العلاج، أو حتى استنشاق الهواء من خارج القطاع، كما أن فرض الحصار عليه لم يمنع إطلاق الصواريخ، ولم يدفع سكان غزة الذين يعيشون مرارة الحياة أن يثوروا ضد حركة المقاومة الإسلامية حماس. ـ إن هذا الحصار يعمل على تسخين الأجواء في غزة، ويسفر عن ظواهر عنف ويأس مجتمعي، وقد يعمل على تحويل حياة السكان الإسرائيليين المجاورين لغزة إلى جحيم لا يطاق. ـ إن المفاوضات التي تجريها إسرائيل مع تركيا حول ترميم علاقتهما، كفيلة بإدخال تحسينات ملموسة على أجواء الحصار المفروضة على غزة، لا سيما أن الحصار فقد مشروعيته الأمنية، وبات يستخدم اليوم فقط لأغراض المساومة السياسية، ليس بين الإسرائيليين والفلسطينيين، بل بين إسرائيل ودولة ثالثة.
ـ إن سكان غزة، الذين اعتقدوا فترة من الزمن أنهم مسجونون في مدنهم بسبب سيطرة حماس على القطاع، بات مطلوبا منهم اليوم إبداء قدر أكبر من الصبر والتحمل، إلى حين جسر الهوة القائمة بين تل أبيب وأنقرة.
وفي الختام وبلغة واضحة طالبت هاآرتس إسرائيل برفع الحصار عن غزة، ووقفه كليا، والتوقف عن العبث بحياة مليوني إنسان، وتقديم مقترحات وحلول عملية للخروج من القطاع، حتى يمكن لهم الحصول على حقوقهم الأساسية في حدها الأدنى.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .