العدد 2756
الأحد 01 مايو 2016
banner
أخلاقية الاتجار مع إيران عطا السيد الشعراوي
عطا السيد الشعراوي
ستة على ستة
الأحد 01 مايو 2016

في عالم التجارة والمال وعند إبرام الصفقات التجارية نادرًا ما يكون التركيز على الجوانب الأخلاقية والأبعاد القيمية، حيث تكون حسابات المكسب والخسارة هي المحدد الرئيس على ما سواه من اعتبارات ومحددات أخرى وخصوصا إذا ما كنا بصدد صفقات ومعاملات بين الدول وبعضها البعض، حيث تتلاشى تقريبًا الأخلاق التي قد تجد مكانًا أوسع عند التعامل بين الأفراد.
جسدت صحيفة نيويورك تايمز هذا المعنى في تقرير نشرته مؤخرًا عندما عبرت ـ وإن بشكل مبطن ـ عن استيائها من الأصوات التي تعلي الأخلاق على التجارة، ومن استمرار معظم العقوبات الأميركية ضد إيران لاستمرارها في التورط في الإرهاب وانتهاك حقوق الإنسان واختبار الصواريخ عابرة القارات، منتقدة الحظر المفروض على الشركات الأميركية من التعامل مع إيران في مجالات كثيرة باستثناء الاتجار في ما يتصل بالطيران المدني، والسجاد، والمنتجات الزراعية، رافضة كذلك استمرار منع إيران من استخدام النظام المالي الأميركي والدولار الأميركي، والذي تتم به معظم المعاملات التجارية في العالم.
دعت الصحيفة في تقريرها إلى الاحتكام للقانون وليس الأخلاق، وإخضاع إيران للعقوبات وفقا للقانون الأميركي وليس وفقًا لأية اعتبارات أخرى، وألا تتم معاقبتها مادامت ملتزمة بنصوص الاتفاق النووي، وطالبت الكونغرس بعدم اتخاذ خطوات لا تشجع على العمل التجاري المشروع مع إيران.
استندت الصحيفة في هذا الموقف إلى امور عدة من بينها التأكيد على أنه من مصلحة أميركا أن يستفيد الإيرانيون من الاتفاق النووي حتى يستمروا في الالتزام به وتتعزز صفوف “المعتدلين” الإيرانيين، وكذلك الإشارة إلى أن الاتفاق النووي وعد إيران بإنهاء العقوبات المفروضة ضدها من قبل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي مقابل تجميد إيران برنامجها النووي، وأن إيران قد نفذت ما عليها، وبدأت الدول الكبرى والشركات ورجال الأعمال يتوافدون على طهران لإبرام الصفقات.
مجلة نيوزويك الأميركية تبنت موقفًا مغايرًا، حيث نشرت مقالا للكاتبين موجان مؤمن وجاسون باك دعيا فيه الدول الغربية لأخذ الجانب الأخلاقي بعين الاعتبار أثناء محاولاتها عقد صفقات تجارية مع إيران.
الكاتبان يطالبان الغرب بالتفكير أولاً في عواقب وتداعيات التجارة مع إيران وما إذا كانت ستؤدي إلى تشجيع النظام في طهران على انتهاك حقوق الإنسان، أم أنها ستصب في تحسين أوضاع الشعب الإيراني، وذلك في ظل السجل المتدني لإيران في مجال الحريات وما هو متعارف ومشاهد من انتهاكات عديدة يمارسها هذا النظام تستوجب مراعاة البعد الأخلاقي.
ويحذر الكاتبان من انسياق الغرب وراء المكاسب المالية على حساب الأخلاق، مؤكدين أن التاريخ لن يتسامح مع أولئك الذين يتواطؤون مع الأنظمة التي تنتهك حقوق الإنسان.
والواضح أن الولايات المتحدة الأميركية مازالت في حيرة من أمرها، حيث تشهد الساحة الأميركية انقسامًا في الرأي ما بين دعاة الانفتاح التجاري على ايران وبين المطالبين باستمرار غلق الأبواب أمام طهران وعدم السماح لها باستخدام الدولار الأميركي في المعاملات، حيث إنه في الوقت الذي تدرس فيه إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما على سبيل المثال تخفيف القيود المالية التي تمنع حاليا استخدام الدولار الأميركي في المعاملات مع إيران، قدم اثنان من أعضاء مجلس الشيوخ قانونا تشريعيا يمنع إيران حتى من الوصول غير المباشر للنظام المالي في الولايات المتحدة، بما في ذلك استخدام الدولار الأميركي في المعاملات التجارية.
ولهذا، اتهم رئيس البنك المركزي الإيراني ولي الله سيف، الغرب بعدم الالتزام ببنود الاتفاق النووي، باستمراره في حجب طهران عن التعامل مع النظام المالي العالمي، وتأكيده أن شركاء إيران لم يفوا بالتزاماتهم، معربًا عن استيائه لأن طهران مازالت غير قادرة على استخدام أموالها المجمدة في الخارج، محذرًا من أن الاتفاق النووي سينهار ما لم تف أميركا وأوروبا بالتزاماتهما بشأن تنفيذ ما جاء فيه.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية