العدد 2679
الأحد 14 فبراير 2016
banner
ستة على ستة
الأحد 14 فبراير 2016

قد تبدو أميركا بصورة مغايرة لتلك الصورة شديدة الوضوح التي عليها روسيا في المشهد السوري بغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا مع هذه الصورة التي تزعم أنها تحارب الإرهاب وتهدف إلى القضاء على تنظيم داعش الإرهابي، رغم ما نشاهده جميعًا ونلمسه من تدمير منهجي شديد القسوة للإنسان السوري، ما يجعلنا نتساءل عن ماهية تلك الحرب الشرسة التي تشنها روسيا ضد ما تدعي أنه إرهاب وما هي الخسائر التي لحق بهذا الطرف الإرهابي ومقارنتها بالجرائم البشعة التي وقعت ضد الأبرياء والمواطنين العزل.
على النقيض من هذا الموقف الروسي، تزعم أميركا أنها تسعى لحل الأزمة السورية وتحقيق الأمن والاستقرار عن طريق التخلص من طاغيتها وأعوانه وتقديم الدعم اللازم للمعارضة لتحقيق نصر حاسم في المعركة الدائرة ضد النظام والقضاء عليه رغم ما نشاهده أيضًا من تقصير واضح في مسعى التخلص من بشار وتخاذل شديد في هذا الدعم الموجه للمعارضة، ما يجعلنا نبحث عن رؤية أميركية متكاملة أو استراتيجية شاملة للوصول إلى ما تهدف إليه من حلول وكذلك عن أدوات تحقيق هذه الأهداف.
فالواضح بالفعل على الأرض السورية أنه لا خلاف بين الموقفين الروسي والأميركي على الاقل من حيث النتائج الحاصلة والتداعيات الواقعة على الشعب السوري والخسائر المتصاعدة ماديًا والانتهاكات المتفاقمة إنسانيًا.
هذه الصورة بجانبيها الأميركي والروسي جعلت بعض الاعلاميين ممن مازالوا يملكون ضميرًا يقظًا وشعورًا إنسانيًا حيًا يعتبرون أن ما يحدث في سوريا بمثابة “عار” على الرئيس الأميركي أوباما كما قال الصحافي الأميركي المعروف روجر كوهين مؤخرًا في صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، حيث أكد صعوبة التفرقة بين سياسة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأميركي باراك أوباما تجاه الوضع في سوريا وأن سياسة بوتين هي سياسة أميركا، قائلاً: “إن إدارة أوباما لا تزال تعطيك من طرف اللسان حلاوة بزعمها أن بشار الأسد جزء من المشكلة وليس الحل، وأنه إذا ظل على سدة الحكم خلال فترة انتقالية سياسية متفق عليها فإنه لن يبقى بعدها. لكن تلك مجرد أقوال، فالرئيس فلاديمير بوتين وروسيا يضطلعان بدور حاسم في سوريا في غياب أي التزام مقابل أو سياسة واضحة من قبل الرئيس أوباما”.
وأعرب الكاتب عن استيائه مما وصلت إليه الأوضاع في سوريا بعد نحو خمس سنوات من الحرب من دمار للبلاد وتشريد لأربعة ملايين شخص وظهور داعش واستمرار نظام بشار في جرائمه وانتهاكاته ضد الشعب السوري، مؤكدًا أن سوريا ستظل بقعة سوداء كبيرة في رئاسة أوباما وكارثة متعددة المستويات.
وحمل الكاتب الرئيس أوباما جزءًا كبيرًا من المسؤولية عما يحدث في سوريا من تدمير وذلك لعدم سعيه بجدية لإقامة منطقة آمنة للنازحين داخل سوريا وعدم قيامه بتقديم الدعم الكافي للمعارضة وتوفير التسليح اللازم لها، هذا إضافة إلى عدم ثبات موقفه تجاه النظام السوري، فتارة يؤكد  ضرورة تنحي “بشار “ على اعتبار أنه جزء من المشكلة ويطالب بفرض قيود على استخدام أسلحة كيميائية،  لكنه سرعان ما يتراجع ويؤكد أن بشار جزء من الحل.
وإذا كان أوباما يظن أن بلاده بمنأى عن تداعيات الوضع في سوريا، فقد نبهت بعض الصحف الأميركية إلى خطأ هذه الرؤية، محذرة من أن ما يحدث في سوريا ستكون له تأثيراته في أميركا، وأخطرها تسرب مقاتلي داعش إلى الداخل الأميركي، فضلاً عن احتمالات تدفق اللاجئين السوريين وتأثير ذلك على الاقتصاد الأميركي.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية