العدد 2512
الإثنين 31 أغسطس 2015
banner
الروح الحياتية عطا السيد الشعراوي
عطا السيد الشعراوي
ستة على ستة
الإثنين 31 أغسطس 2015


نسمع كثيرًا عن المنافسة الشريفة والروح الرياضية وكيف أنها قيم سامية يتحلى بها الكبار الذي يسعون دائما للصدارة والمقدمة ولكن من خلال الجد والاجتهاد وبذل أقصى الجهد وليس عبر الحيل والأكاذيب والمراوغات وغيرها من الأساليب الملتوية.
كثيرًا ما فقد الكبار مواقعهم وخسروا منافسات كانوا هم الأقرب لها والأجدر بها لأسباب لا تتعلق بالمنافسة أو بقوة المنافس بقدر ما تتعلق بأمور أخلاقية تعامل معها الكبار بما تستحقه من نبل وسمو دون النظر عن الجوائز التي يتم حصدها.
الأمثلة على ذلك كثيرة خصوصا في المنافسات والبطولات الرياضية المختلفة وعلى مختلف المستويات، وكان آخر مثال لافت على ذلك ما حدث مؤخرا خلال مباراة فريقي دونكاستر وبيري في دوري الدرجة الثالثة الإنجليزي، حيث حسمت الروح الرياضية نتيجة اللقاء الذي انتهى بالتعادل 1 - 1 بعد أن منح هاري فورستر، لاعب دونكاستر، التقدم لفريقه بغير قصد أثناء محاولته إعادة الكرة إلى حارس بيري الذي كان قد أخرجها من اللعب عقب إصابة أحد زملائه، وحاول بول ديكوف، مدرب دونكاستر، إقناع الحكم باحتساب خطأ في تنفيذ رمية جانبية، وإلغاء الهدف، لكن عندما فشل، أمر لاعبيه بالسماح للاعب بيري ليون كلارك بوضع الكرة في شباك فريقه بعد استئناف اللعب.
في تعليقه على أحداث اللقاء، قال المدرب ديكوف لهيئة الإذاعة البريطانية: لم أفكر حقا مرتين بشأن السماح لهم بالتعادل، لم يكن جيدًا أن نحصل على النقاط الثلاث في هذه الظروف، كانت نهاية مؤسفة للمباراة، سدد هاري فورستر الكرة بقوة وكنت أتمنى فقط ألا تدخل المرمى”.
وأضاف: “عندما سكنت الكرة الشباك تعين علينا فقط أن نسمح لهم بالتسجيل لأننا لا يمكن أن نفوز بمباراة كهذه”.
في حياتنا كثير من المواقف والأحداث التي تنقصها المنافسة الشريفة وتفتقر إلى تلك الروح الرياضية التي تعامل بها فريق دونكاستر مع اللقاء وأعلى الأخلاق على النقاط بغض النظر عما إذا كانت مؤثرة وحاسمة في مشواره بالدوري أم غير مؤثرة، فالمدرب لم يتردد لحظة في هذا الموقف، بينما الكثير منا يتردد كثيرًا ويتوقف طويلاً إذا كانت المصلحة آتية والمكاسب قادمة على حساب الآخرين ولا تشغله قضية الاستحقاق لهذه المصالح والمكاسب ولا ينظر إلى الأخلاق أو الوسائل الموصلة لذلك، فالمهم هو تحقيق الهدف حتى وإن كان على حساب الأخلاق، بل إنه يتفنن ويتحايل ليأخذ ما ليس حقه ويجتهد في التبرير والتنظير لكي يوهم نفسه ويخيل إلى الآخرين أنه الأحق والمستحق لهذه المكاسب وأن الآخرين هم المخطئون في حقه.
الحياة مليئة في كل جوانبها بمظاهر من الظلم وأشكال من الجور كان يمكن التقليل منها أو القضاء عليها لو أن هذا الجانب مفعل ولو كان للأخلاق قدر وللمنافسة الشريفة منزلة، لكن ما يحدث هو تواري كل هذه القيم والمثل عندما يتراءى للإنسان خير قادم ومكسب قريب فتبدأ سلسلة من الأكاذيب وتنسج الحيل للوصول إلى ذلك حتى وإن لم يكن هو المستحق لذلك، وإن قام بتحصيله لن يفكر لحظة في إعادته لأصحابه أو حتى التكفير عن أخطائه التي ارتكبها في سبيل الحصول على ذلك.
إننا بحاجة إلى المنافسة الشريفة والروح الرياضية في كل معاملاتنا وتعاملاتنا كي يستقيم جزء من حياتنا.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية