العدد 2509
الجمعة 28 أغسطس 2015
banner
أولويات “الحليف” الأميركي عطا السيد الشعراوي
عطا السيد الشعراوي
ستة على ستة
الجمعة 28 أغسطس 2015

الحليف هو من تجده في السراء مهنئًا ومباركًا وفي الضراء مساندًا ومناصرًا، وهو لن يكون كذلك إلا إذا كانت أهدافه متقاربة ومبادئه متشابهة وأولوياته منسجمة، حتى يكون حليفا صادقًا وليس مجرد حليف بالاسم ومجرد شريك بالتمني.
لذا، فإن من المداخل المهمة للتعرف على الحلفاء محاولة الوصول إلى الأولويات وكيفية ترتيبها لنرى إن كان هناك بالفعل تقارب يدعم التحالف ويقويه أو أن هناك تباعدا كبيرا لنكون على حذر ولا ننخدع بالكلمات البراقة والشعارات الجوفاء التي تتحطم على أرض الواقع وفي خضم الأحداث والمشكلات.
فقد تساءلت افتتاحية نيويورك تايمز في عددها الصادر في الثالث عشر من شهر أغسطس الجاري عن ماهية ترتيب إدارة الرئيس باراك أوباما لأخطر التهديدات الخارجية للأمن القومي الأميركي، مؤكدة أن الإجابة عن هذا السؤال تتوقف على الجهة التي توجه إليها والتي تسأل في هذا الشأن، وهو الأمر الذي يشير إلى وجود تباين في الرأي الرسمي حول هذا الموضوع رغم أهميته وخطورته، كما يؤكد أيضًا أن أميركا مازالت عاجزة عن وضع رؤية أو استراتيجية محددة وثابتة للتعامل مع العالم الخارجي وأنها ربما تتعامل وفق الظروف وهو ما أكدته الصحيفة بالتساؤل: إذا كان المسؤولون لا يمكن أن يتفقوا على ماهية التهديدات الأكثر إلحاحا، فكيف يمكن أن يطوروا الاستراتيجيات الصحيحة ويخصصوا الموارد بدقة؟
واقتربت الصحيفة من حجم الخلاف بين المؤسسات الرسمية الأميركية حيال التهديدات الملحة، مشيرة إلى أن وزارة الدفاع (البنتاجون) تعتبر روسيا الخطر الأول في قائمة تهديداتها، تليها كوريا الشمالية والصين وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، حسب رأي رئيس هيئة الأركان المشتركة الجديد الجنرال جوزيف دنفورد، بينما هناك مؤسسات أخرى مؤثرة لا تشارك دنفورد هذا الرأي ومن بينها البيت الأبيض نفسه، مستشهدة بما أعلنه الرئيس الأميركي باراك أوباما في شهر سبتمبر الماضي من أن أخطر التهديدات في هذا الوقت تأتي من الشرق الأوسط وشمال افريقيا حيث تستغل الجماعات المتطرفة المظالم لتحقيق مكاسب خاصة بها، دون أن يحدد أوباما هذه الجماعات المتطرفة وهل المقصود بها تنظيم القاعدة أم تنظيم داعش أم غيرها من الجماعات.
وذكرت الصحيفة أن العديد من مسؤولي الإرهاب ومكافحة التجسس مازالوا يعتمدون رأي الإدارة الأميركية الذي كان سائدًا لفترة بأن تنظيم القاعدة يشكل تهديدا أكثر خطورة من تنظيم داعش، لأنه هدد المصالح والأراضي الأميركية حيث نفذ ولا يزال يخطط لهجمات على الأراضي الأميركية، بينما يتركز خطر داعش بعيدًا عن الأراضي الأميركية إذ إن التنظيم يركز بشكل رئيسي على الاستيلاء على الأراضي في العراق وسوريا لإقامة ما يزعم أنها خلافة إسلامية.
وأشارت الصحيفة إلى أن مكتب التحقيقات الفيدرالية يتبنى الرأي القائل إن تنظيم داعش أكثر خطورة من القاعدة، وهو ما أعلنه مدير مكتب التحقيقات الفدرالية جيمس كومي في 22 من شهر يوليو الماضي حيث أكد أن داعش الخطر الأكبر بسبب براعته في استغلال وسائل الإعلام الاجتماعية في تجنيد أفراد من الولايات المتحدة للانضمام للقتال في سوريا أو العراق أو لشن هجمات في أميركا.
من الواضح أن هناك فروقا واضحة في أولويات أميركا عن أولويات الدول العربية وتباينات في ترتيب التهديدات التي تفرض على الدولة حشد مواردها واستثمار إمكانياتها ووضع رؤيتها واستراتيجيتها للتعامل معها، إذ إنه في العنصر الوحيد المشترك في التهديدات وهو الإرهاب نجد انقسامًا أميركيًا غير مبرر في التمييز بين القاعدة وداعش، حيث إن الإرهاب بكل أشكاله وصوره هو خطر محدق ليس على العالم العربي فقط بل على العالم أجمع، إلا أن أميركا لا يهمها سوى التعامل مع من يهدد مصالحها وأراضيها، وطالما كان الخطر بعيدًا فهو غير مدرج على قائمة الأولويات حتى لو كان هو التهديد الأكبر على الحلفاء العرب.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية