العدد 2484
الإثنين 03 أغسطس 2015
banner
ستة على ستة
الإثنين 03 أغسطس 2015

بين فترة وأخرى نشهد حملات ضاربة وحروبا شرسة ضد الحجاب وكأنه هو الخطر الأوحد والأشد فتكًا بمجتمعاتنا ويفرض مليونيات حاشدة في الميادين للتنديد بهذا الخطر الجاثم على صدورنا وتوحيد الجهود وتضافرها للقضاء على تلك الآفة المنتشرة على رؤوس فتياتنا ونسائنا دون اي رادع من جمال أو أخلاق، في حين أن ما نشهده من اقتتال وعنف مستشر في مختلف أرجاء عالمنا العربي لا يعد شيئًا مهمًا أو خطيرًا إذا ما قورن بهذا الحجاب الذي يؤرق مضاجع نخبتنا ومثقفينا.
نحمد الله أن تلك الحملات والمعارك والحروب ضد الحجاب تقودها وجوه قبيحة تثير في النفس اقصى درجات الاشمئزاز والنفور بمجرد رؤيتها وحتى قبل سماع كلامها، ونحمد الله أيضًا أن كلامهم يكون مصحوبًا بقبح يفوق قبح وجوههم وسواد يغلب سواد قلوبهم تجاه كل فتاة أو امرأة محجبة.
هؤلاء لا جدوى من مخاطبتهم أو الحديث معهم لأنهم يظنون أنهم لا ينطقون عن هوى وإنما عن علم راسخ وفهم واسع وتمكن فقهي كبير وتبحر في مختلف فنون ودروب العلم الشرعي الحديث منه والقديم، لكننا نخاطب كل فتاة تخشى على جمالها وتظن أن هذا الحجاب يتنافى مع هذا الجمال وأنه مرادف لعدم الأناقة ولا يمكنها من لبس كل حديث أو ما يسمى بالموضة.
لن نقول كلاما قد لا يفيد أو لا يقنع بأن الجمال هو جمال الروح، فهذا أمر معروف لكنه قد لا يكون كافيًا كي تتمسك الفتاة بحجابها ولا تخشى على جمالها الظاهري، وإنما نسوق أمثلة واقعية وحديثة تؤكد أن الحجاب لا يعني مطلقًا عدم الاهتمام بالمظهر الخارجي، بل العكس هو الصحيح، فالإسلام عمومًا يحث على الجمال في الكثير من الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة ويكفينا أن نذكر هنا بأمر الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه رضوان الله عليهم أجمعين بأن يهتموا بمظهرهم، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: “من كان له شعر فليكرمه”.
أما الشواهد العملية التي دفعتني لكتابة هذا المقال، فكان من بينها فوز الطالبة الفلسطينية المسلمة أبرار شاهين بلقب “الأكثر أناقة” في إحدى المدارس الثانوية بولاية نيو جيرسي الأميركية بعد حفل تخرجها، حيث نالت هذا اللقب بعد تصويت زملائها لها الذين ينتمون لجنسيات مختلفة وثقافات عديدة.
وتعليقًا على هذا الفوز، قالت الطالبة الفلسطينية أبرار: “تفاجأت كثيراً باختياري للقب الفتاة الأكثر أناقة في المدرسة، فهناك المشجعات وكثير من الفتيات الجميلات بملابس أكثر تحرراً، ولكن ان يختاروا فتاة مسلمة ومحجبة لهذا اللقب، فهو بمثابة حلم يتحقق”.
وهناك الكثير من الأمثلة المشابهة لمثال الطالبة الفلسطينية “أبرار”، ومن بينها فوز الإذاعية المصرية المحجبة بثينة صلاح بلقب أجمل وجه على فيس بوك في عام 2012 بعد حصولها على أعلى نسبة تصويت في المسابقة التي تجريها صفحة مجلة شباب 20 الإماراتية، ونالت اللقب بعد تنافس مع أكثر من 85 فتاة عربية.
وقالت بثينة في لقاء لبرنامج صباح الخير يا مصر بالتلفزيون المصري إنه رغم انها محجبة إلا انها تعلم انها أجمل من الأخريات اللاتي يظهرن بشعورهن في الصور، والدليل انها عندما قرأت إعلان المسابقة أرسلت للمجلة تسأل اذا كانت تستطيع المشاركة أم لا وهي محجبة فرحبوا بالمشاركة.
وفي نفس العام، توجت التونسية نادين خليفة بلقب الوصيفة الثانية لملكة جمال العرب في الدورة السادسة من المسابقة التي أقيمت بالقاهرة “بعد السورية نادين بن فهد التي فازت باللقب”، وكان حضورها استثناء على اعتبار انها المحجبة الوحيدة التي ظهرت في المسابقة.
ومؤخرا، نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية تقريرًا حول تغير المناخ السياسي في روسيا الذي شجع المسلمين على اتخاذ دور ومكانة تختلف عن تلك التي عاشوها في حقب سابقة، عندما كان ينظر إليهم بعين الريبة، مشيرة إلى أن عشرات النساء المسلمات تجمعن بملابسهن الإسلامية الزاهية الألوان في حديقة أحد الفنادق في العاصمة الروسية موسكو لرعاية حفل خيري للأزياء، وقامت المشاركات بارتداء ملابس إسلامية صممها مصممون معروفون.
ونقلت الصحيفة عن مصممة الأزياء المسلمة ريزادا سليمان (23 عاما) القول “لاحظت أن المسلمين لم يعودوا تحت المجهر مثل الماضي وأن ذلك المناخ شجعني على تسويق منتجاتي المحتشمة حتى للنساء غير المسلمات”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية