العدد 2394
الثلاثاء 05 مايو 2015
banner
كامب ديفيد وجدوى اللقاء (1) عطا السيد الشعراوي
عطا السيد الشعراوي
ستة على ستة
الثلاثاء 05 مايو 2015

من المعروف أن هناك علاقة وثيقة بين المقدمات والنتائج، أو كما يقال فالجواب يظهر من العنوان، وعندما يكون العنوان اتفاقًا نوويًا بين إيران ومجموعة دول 5 + 1، فيجب أن يثير الهلع والخوف والحذر والحيطة من جانب جميع الدول العربية، فالاتفاق يتعلق بأخطر الأسلحة وبين أطراف لا توجد بينها أية دولة عربية وهو ما يعني عدم مراعاة مصالح وحسابات الدول العربية في هذا الاتفاق، هذا بخلاف أنه تم التوصل إليه بعد مساومات ومفاوضات سرية طويلة وصفقات معلنة وأخرى غير معلنة.
ربما يكون ذلك الدافع الذي حث الرئيس الأميركي باراك أوباما على الاتصال هاتفيًا بقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بحثًا عن طمأنتهم جراء ما تم التوصل إليه دون مشاركة منهم، ومن ثم لدعوتهم للقائه في البيت الأبيض وكامب ديفيد يومي 13 و14 مايو الجاري.
لا خلاف على الحوار والنقاش والتفاوض حيال كل القضايا ومختلف الموضوعات التي تعج بها المنطقة وتفرض حوارًا دائمًا بين أطرافها الفاعلين وإن كنا نتمنى ان يكون هذا الحوار بين الطرفين قبل التوصل إلى النتائج المؤثرة على قضايا المنطقة وليس بعد ذلك، ويا حبذا لو كان اللقاء في إحدى دول المنطقة حتى يكون تحت لهيب الصراعات وجحيم الصراعات وليس في أجواء المكيفات والاستراحات، حيث إن ذلك يرجح من احتمالات ان تتحول اللقاءات والمباحثات إلى تطييب خواطر مما يفقدها الكثير من الأهمية.
وحيث إن اللقاء سيتم وبعد التوصل لاتفاق الإطار بين إيران ومجموعة 5 + 1، فإننا لا نملك سوى ان نضع بين يدي المؤتمرين من قادة دول الخليج مجموعة من الملاحظات حول هذا الحدث الذي تم ولم يبق لنا سوى البحث عن كيفية تجنب آثاره الخطيرة على أمن المنطقة.
أولى هذه الملاحظات إلى لقاء كامب ديفيد أنه من الصعوبة الثقة في إدارة تتناقض تصريحاتها المغلفة بالتأكيد على علاقات التحالف والتعاون الاستراتيجي مع الدول الخليجية وبين سلوكياتها وسياساتها التي كانت من أبرز اسباب وعوامل التوتر في المنطقة وأكبر حائل أمام تسوية الكثير من الأزمات بسبب تعارض أهدافها ومصالحها مع المصالح العربية عمومًا وتقاربها بشدة مع المصالح الإيرانية وهو الأمر الذي سهل وحفز على التوصل لاتفاق الإطار النووي، ولعلنا شهدنا سعيًا حثيثًا وغريبًا من أوباما حتى بدا وكأن هذا الموضوع يخص أميركا وليس إيران التي أظهرت تمنعًا بينما كان أوباما يبدي تساهلاً شديدًا وإعجابًا أشد حيال إيران رغم أنه حرص على الصرامة والجدية عند الحديث عن دول الخليج ولم يجد حرجًا في توجيه تحذيرات لهذه الدول بأن الخطر عليها داخلي وناتج عن عدم تلبية طلبات الشعوب في الوقت الذي كال فيه المديح والإطراء لإيران والنظام الإيراني الغارق في انتهاكات حقوق الإنسان والذي يبدع في مختلف صنوف وألوان الديكتاتورية والقمع.
وقدم أوباما تنازلات كثيرة كي يغري الحليف الإيراني على التفاوض والتوصل لاتفاق نووي وكان آخرها شطب اسم إيران وذراعها اللبناني، حزب الله، بطريقة غريبة من قائمة التهديدات الإرهابية الصادرة عن الاستخبارات الوطنية الأميركية في الوقت الذي يتورّط فيه الحرس الثوري الإيراني ومقاتلو حزب الله مع نظام الأسد في سوريا، وفيما تعيث الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران خراباً في اليمن.
وقال ديفيد روثكوبف، المسؤول السابق في إدارة كلينتون والرئيس التنفيذي ورئيس تحرير مجلة “فورين بوليسي” إن لغة الجسد الأميركية في المحادثات أوحت بأننا نريد التوصل إلى اتفاقية أكثر مما تريد إيران ذلك، وهذا شيء خطير للغاية ولاسيما في ظل غياب استراتيجية أوسع.
كما أكد دوف زاخايم، وكيل وزارة الدفاع الأميركية ومراقب حسابات الوزارة خلال السنوات الأولى من إدارة جورج بوش، ونائب رئيس “المركز من أجل المصلحة القومية” وعضو المجلس الاستشاري لمجلة “ناشونال إنترست” أن مبادرات ادارة أوباما بشأن المنطقة ضخّمت توسيع النفوذ الإيراني، قائلاً: “إن هذا ليس بالشيء العارض، إذ إن محاولات الإدارة الأوسع لتحويل طاقتها نحو السياسات الداخلية تقود في اتجاه نشأة سيادة مشتركة إقليمية مع الجمهورية الإسلامية، أو حتى تعهيد المصالح الإقليمية الأميركية إلى إيران.
وفي المقال القادم بمشيئة الله تعالى نكمل الموضوع.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .