العدد 2380
الثلاثاء 21 أبريل 2015
banner
خلــع الحجـــاب (2) عطا السيد الشعراوي
عطا السيد الشعراوي
ستة على ستة
الثلاثاء 21 أبريل 2015

لم أعد أحزن عندما أجد جهلاء وأغبياء يحاربون هذا الدين الإسلامي الذي ينتمون إليه ويزعمون أنهم على علم وبصيرة به وبأحكامه، وذلك لأن هؤلاء يتسببون من حيث لا يعلمون وربما لو علموا ما فعلوا، في مزيد من الإقبال على الإسلام وعلى القراءة فيه والتعرف عليه والخروج بمزيد من اليقين والثبات على هذا الدين الذي يتوافق مع الفطرة السليمة والعقل المنطقي.
والآراء المتطرفة والغريبة التي تنسب نفسها إلى الدين الإسلامي ومن بينها رأي الشوباشي في الحجاب ورأي البحيري في الإمام البخاري وكذلك الممارسات الهمجية ومن بينها من قامت بحرق كتب إسلامية في فناء إحدى المدارس، قد تحقق لأصحابها شهرة زائفة أو مصلحة مؤقتة أو مالاً حرامًا، لكنها بالنهاية ترتد عليهم وتأتي بنتائج خلاف ما يتمنون أو يرغبون.
وأمثال الشوباشي لا يجوز الحديث معهم بمنطق القرآن والسنة لأنه لا علم له بهما ولأنه لن يقتنع مطلقًا بأي رأي طالما يجد في نفسه شخصًا فوق كل هؤلاء الذين يفتون في الدين عن علم واسع وفقه غزير.
الرد المفحم على هذا الشوباشي لا يمكن أن يكون من علماء الدين، لأنه لا يعرف لغتهم ولا يقتنع برأيهم وإنما كان من المجلس القومي للمرأة وهو الجهة المعنية بأحوال المرأة والذي يحمل ذات القيم والمفاهيم التي يؤمن بها هذا الشوباشي، ورغم ذلك فقد رفض هذا المجلس المشاركة في المظاهرة التي دعا إليها معتبرًا أن الحجاب حرية شخصية، وأن أية دعوة لخلعه أو فرضه تمثل تدخلاً في العقيدة.
في حقيقة الأمر، قامت السفيرة ميرفت التلاوي بالرد الأمثل على أمثال هؤلاء الحاقدين على الحجاب، حيث قالت: “من يدعون النساء إلى خلع الحجاب يتدخلون في حرية العقيدة، وهو تدخل مرفوض نصاً وقولاً، فلا يجوز لأحد أن يتدخل في حرية العقيدة وفقاً لما نصت عليه قوانين ومواثيق حقوق الإنسان”.
إذا قلنا لهذا الشوباشي إن الدين يقول كذا وكذا فلن يقتنع ولذا فقد أصابت السفيرة التلاوي حينما أشارت إلى أن المادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان نصت على أن لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين، ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته، وحرية الإعراب عنهما بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها سواء أكان ذلك سراً أو مع الجماعة، ومن هذا المنطلق الأخلاقي والإنساني لا يحق لأحد أن يتدخل في عقيدة الإنسان، مطالبة من يدعون لخلع الحجاب بالتوقف فوراً، لأن ذلك يتعارض مع أبسط حقوق الإنسان.
وفي ذات السياق، اعتبرت نهاد أبوالقمصان، رئيسة المركز المصري لحقوق الإنسان، أن الدعوة لمظاهرة خلع الحجاب هى نوع من التطرف، مؤكدة أنها لن تشارك فيها. قائلة: “هناك استهلاك للأدوات الاحتجاجية في غير محلها، ما يفقدها قيمتها تماماً، وهناك تضخيم إعلامي لها بلا معنى”.
أرجو أن يكون كلام ومبررات السفيرة ميرفت التلاوي ونهاد أبو القصمان كافيًا لشريف الشوباشي وأمثاله كي يكون عندهم ولو مثقال ذرة من احترام لحرية الإنسان في أن يرتدي ما يقتنع به ويراه مناسبًا لنفسه وموافقا لقيمه ومبادئه.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .