العدد 2378
الأحد 19 أبريل 2015
banner
خلع الحجاب (1) عطا السيد الشعراوي
عطا السيد الشعراوي
ستة على ستة
الأحد 19 أبريل 2015

فكرت أن أكتب عن موضوع الحجاب ثم صرفت النظر لكن عدت مرة أخرى بعد أن فوجئت بفيلم “أرض النفاق” للفنان الراحل فؤاد المهندس، معروضًا على إحدى القنوات الفضائية وهو ما جعلني أعود مرة أخرى للكتابة عن موضوع الحجاب ردًا على دعوة أحد الإعلاميين المصريين للنساء إلى خلع هذا الحجاب في ميدان التحرير الذي بات ساحة لكي شيء منها النافع ومنها الضار، وميدانًا لكل من هب ودب لنشر سمومه وإفساده وأفكاره الضالة.
“أرض النفاق”، هو أحد الأفلام المهمة التي تشخص واقعًا رديئًا، لكنه للأسف الشديد يزداد سوءًا وانتشارًا مع مرور الزمن. فرغم مرور أكثر من خمسين عامًا على هذا الفيلم الناقد لأحوال المجتمع، إلا أن الحال كما هو من حيث انتشار النفاق والتملق والكذب والخداع، بعد أن باتت هذه الصفات والأساليب معيار الاختيار وطريق الوصول الآمن والأسهل للترقي والتمكين.
فهذا الذي أراد أن يعود إلى ساحة الأضواء والشهرة فطن إلى الأسلوب الأسرع لتحقيق مراده وعبر استثمار ذلك المناخ المتربص للإسلام وقيمه، والمليء بكبار الإعلاميين المحسوبين على النخبة المثقفة التي راحت هي الأخرى تبث انحرافاتها عبر منابرها الإعلامية التي يوفرها لهم رجال وأباطرة تشابهت قلوبهم وتوحدت أهدافهم وتفتقت أذهانهم عن أساليب جديدة وممارسات عجيبة ومثيرة جنيًا لأرباح مالية أو سعيًا لمناصب نافذة أو تحقيقًا لأجندة تخريبية وتدميرية لقيم المجتمع وتماسكه والتشكيك في ثوابته الدينية.
أراد أن يدس أنفه في هذه الأرض المليئة بالنفاق ويدلي بدلوه في موضوع لا يمت له بصلة سواء من حيث التخصص والمعرفة أو الممارسة والتجربة أو حتى الحب والرغبة وهو موضوع الحجاب، فدعا إلى مظاهرة في ميدان التحرير لخلع الحجاب، واصفًا هذه الدعوة بأنها ثورة جديدة للمرأة والمساواة ولا تقل عن ثورات مصر السابقة وثورة 25 يناير.
ولكي يضمن لدعوته “الشاذة” رواجًا واسعًا في الإعلام المنافق، كان عليه أن يضيف عليها بعضًا من الوقاحة والانحطاط لكي تنسجم مع ذات الإعلام الذي سينقل تلك الرسالة بشغف شديد وحب اشد للنيل من هذا الحجاب والمحجبات كذلك ولكي يرفع صاحب تلك الدعوة القبيحة لأعلى المراتب الثقافية والمنازل الدينية كما فعل غيره من أصحاب الدعوات الهدامة والأفكار الصادمة لأي مجتمع وليس حتى لمجتمع مسلم.
وبنظري لا يستحق الرد عليه، خصوصا بعد أن قاده جهله إلى نسف دعوته بنفسه حينما تلفظ بألفاظ نابية لا تليق بصاحب دعوة محترمة أن يتلفظ بها، كما حدد نسبًا وكون علاقة بين المحجبات وبين الأخلاق دون أي سند أو دليل، ولا يمكن لشخص أن يخلص لتلك النسبة إلا إذا كانت على صلة قوية وعلاقة وثيقة بالعينة موضع الدراسة والحكم، فهل هذا الذي يكره الحجاب والمحجبات ويرى فيهن “عاهرات” اقترب منهن وتعامل معهن ومن ثم خرج بحكم مفاده أن 90 % منهن “عاهرات”؟
وإذا كان هذا الشخص أكثر معرفة وقراءة من الذين يفتون في الدين، كما يزعم هو ويؤكد، فلماذا لم نر له إسهامات وتجارب في هذا الميدان الذي لم يعد حكرًا على رجال الدين، بل بات مفتوحًا لكل من يريد أن يتحدث أو يكتب حتى وإن كان جاهلاً به وبأحكامه مثله.
وفي المقال القادم بمشيئة الله تعالى نكمل حديثنا عن هذا الموضوع.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .