ليس مستبعدا أن هناك اتفاقا بين إيران والدول الغربية على تفتيت المنطقة العربية لكي يسهل على الدول الغربية السيطرة على المنطقة بأسرها وجميع ثرواتها. وليس غريبا أن تتفق القوى التوسعية على هدف مشترك فلطالما اتفقت سابقا على توزيع الحصص، وإيران التي تردد الشعارات الرنانة لكسب المؤيدين لها لم تقم بخطوة واحدة لصالح المنطقة العربية بل لم نخبرها إلا مطالبة بأجزاء من الدول العربية مدعية أن لها حقا تاريخيا فيها. ورفضت التحكيم الدولي في أي خلاف مع العرب. وفجأة حصل تقارب ما بين إيران والدول الغربية وحملت الشركات الغربية حقائبها متجهة للاستثمار في إيران، ونحن نضرب أخماسا بأسداس: ما الذي حدث؟ وكيف انقلبت الموازين؟
تواطأت إيران مع الولايات المتحدة لاحتلال العراق كخطوة أولى ثم نشرت أذرعها وذيولها في المنطقة الشرقية من الدول العربية. وباتت خطة كوندوليزا رايس بإعادة تقسيم المنطقة قاب قوسين أو أدنى، فقد نشأت مناطق شيعية ومناطق سنية ومنطقة كردية، كما أن خطة رايس نصت على إعطاء شرق المملكة العربية السعودية إلى الشيعة السعوديين وهم بالطبع في الجوار القريب من إيران.
إن دور إيران فعال ولكنه صامت، ومن يجمع القصاصات من هنا وهناك يدرك أنها في صلب اللعبة الأميركية. وهي تدرك أن قيام دولة كردية ربما يأتي على الجزء الشمالي منها، وهذا ما لا تسمح به إيران مطلقا، وهي تساعد على تنفيذ الخطة على حساب الدول العربية، وهي تلعب دورها من الشرق وتركيا من الشمال. إذا فإن إعادة التقسيم الذي تدركه إيران وتركيا لن يمس ولو شبرا من أراضيهما وستتركز الخريطة الجديدة على المنطقة العربية لأنها الفريسة الأسهل اقتناصا، بعد أن كانت خريطة رايس تشمل إيران وتركيا.
احتوت خريطة رايس على منطقة سنية وسطى بين الأردن والعراق وها هي تتحقق، وليس التحالف على داعش إلا تحالفا صوريا لم يحم سوى المدن الكردية لأنها داخلة في التقسيم. وهذا ما تباركه إيران ومعها تركيا، فلا تمانعان في خلق دولة كردية على حساب الدول العربية.
لقد ارتكزت خطة رايس على إعادة التقسيم، لكن الخطة ابتعدت عن دول المغرب العربي التي ليس فيها ثروات طبيعية، فبات الهدف واضحا وهو خلق كيانات في حالة حرب مستمرة تسمح للولايات المتحدة بالإقامة فيها. والسؤال المؤرق: ماذا نحن فاعلون؟.  إيلاف.