العدد 2333
الخميس 05 مارس 2015
banner
جمعية الوطن تدشن مرحلةً جديدة للعمل السياسي المستقل د. نعمان الموسوي
د. نعمان الموسوي
الخميس 05 مارس 2015



بانتهاء أعمال مؤتمرها العام الأول بنجاحٍ باهرٍ، وانتخاب مجلس إدارتها برئاسة الدكتور أحمد عبدالرحمن الساعاتي، الحقوقي والسياسي المخضرم، تكون جمعية الوطن الديمقراطية قد دشنت مرحلةً جديدةً في تاريخ العمل السياسي المستقل في مملكة البحرين.
لقد مرت أعمال المؤتمر في أجواءٍ سياسيةٍ هيمنت عليها روح العمل الوطني الجماعي، وتشبعت برغبة جميع الأعضاء الكرام، دون استثناءٍ، والذين يمثلون جميع الأطياف والمذاهب والتيارات الفكرية والسياسية، في أن يبرز المؤتمر الصورة المشرقة لبحريننا الحبيبة التي كنا وما زلنا نفخر بها على مدى القرون والحقب السياسية المتعاقبة، وبإرادتهم الجبارة في أن يظل الثبات على المبادئ، والالتزام بها، عنواناً لمرحلةٍ سياسيةٍ جديدةٍ تنهض على قاعدة التلاحم الشعبي؛ من أجل الوصول بسفينة الوطن إلى مرفأ الأمان والاستقرار، وتجاوز الأزمة السياسية بآمالٍ واعدةٍ.
ولعل سر نجاح أعمال المؤتمر الأول يعود أيضاً إلى الحنكة السياسية المتراكمة لدى الأعضاء المنتسبين إلى تيارات فكرية متباينة، حيث تمكنوا من تجاوز الاختلاف في الرأي بحكمةٍ بالغةٍ، وصوبوا أعينهم باتجاه بحرين المستقبل التي تتكاتف فيها جهود أبناء الوطن من الطائفتين الكريمتين في تدشين مرحلةٍ جديدةٍ من العمل السياسي تخلو من مظاهر الحزبية الضيقة، والتقوقع على الذات، وسيادة الرأي الواحد الصائب، إذ يندر أن يجد المرء في هذه المرحلة مظاهر سادت النشاط السياسي قروناً ممتدةً، وتميزت بالاستئثار بالرأي، والاستقواء بالايديولوجيا، والاحتماء بأبناء المذهب الواحد، فكانت المحصلة تراجع العمل السياسي الحقيقي المستقل، وانكفاء الجمعيات السياسية وراء الشعارات البراقة، والعجز عن مواكبة التطورات، والانجرار وراء القوى الفتية الطارئة على الساحة السياسية، وتسليمها دفة القيادة طوعاً أو خوفاً.
لقد شدد الدكتور أحمد الساعاتي، الرئيس المُنتخب للجمعية، في أكثر من محفلٍ وموقفٍ، على التزام الجمعية بالدفاع عن المبادئ والقيم المنصوص عليها في دستور مملكة البحرين وميثاق العمل الوطني، ونشر الوعي بأهمية التضامن والتعايش ووحدة المجتمع وتوافقه على أهدافٍ وطنيةٍ جامعةٍ، لافتاً إلى أن الجمعية تتولى نشر ثقافة الحوار والتسامح والتعايش
وقيم المساءلة باعتبارها رديفاً لتحمل المسؤولية الجماعية.
 وبتأسيسهم للجمعية، أصبح الأعضاء طرفاً مساهماً بفاعليةٍ في تطوير التجربة الديمقراطية؛ وترجمة المبادئ الدستورية الملزمة لهم إلى تشريعات تُنفذ على أرض الواقع، وتدعم مفهوم دولة القانون والمؤسسات، وتعزيز حقوق الإنسان والحريات السياسية في المجتمع، والعمل على نشر الوعي بأهمية تعزيز واحترام هذه الحقوق، ودعم التوجهات الهادفة إلى رفع المستوى المعيشي للمواطن ومحاربة الفقر وتحقيق توزيع عادل للثروة، وتنويع مصادر الدخل الاقتصادي بما يحقِق رفاهية المواطن البحريني.
لقد تأسست جمعية الوطن الديمقراطية وفقاً لتوجهٍ فكريٍ مغايرٍ لتصورات الجمعيات السياسية الأخرى، فهي تعتمد إلى جانب الرؤية السياسية المنطلقة من الثوابت، من رؤية تنموية تتضمن مبادرات عملية تنطلق من فكرة “أن تُشعل شمعة خير من أن تلعن الظلام”، وأن تطرح حلولاً مبتكرةً لإخراج البحرين من عنق الزجاجة بعد أزمةٍ سياسيةٍ مريرةٍ، وتترجم أفكارك إلى واقع ملموس، أفضل من أن تقدِم مرئيات سياسية غير واقعية، وأن تنفِذ مشروعات تعود بالنفع المباشر على المواطن والمجتمع أفضل من أن تلوك الشعارات القديمة الجوفاء مراراً وتكراراً فكل الغيورين على الوطن يبتغون في المقام الأول توفير المستوى المعيشي الكريم للمواطن البحريني.
ثمة ميزة مهمة تتسم بها الجمعية الوليدة، وهي تعدد حساباتها الإلكترونية، وكثافة استخدامها لمواقع التواصل الاجتماعي كالتويتر والفيسبوك والإنستغرام، لغرض الارتقاء بالخدمات العامة، حيث إن التعدد المذهبي والفكري لأعضاء الجمعية يسمح لهم بالاقتراب من حاجات المواطنين، وإطلاعهم على مستجدات الساحة السياسية بروحٍ واقعية تتسم بالوسطية والعقلانية والحكمة السياسية، وبهذا المعنى تمثِل جمعية الوطن الديمقراطيةً مظلةً تنضوي تحتها القوى كافة التي انتظرت اللحظة الحاسمة طويلاً لإسماع رأيها المعتدل مجلجلاً بقوةٍ في أرجاء الوطن!

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية