تأسيساً على ما ذكرناه في المقال السابق الذي تناولنا فيه أهمية زرع وتأصيل ثقافة الجودة الشاملة في العمل المؤسسي، سنتناول اليوم مفهوم قيادة المعرفة وأثرها في رفع مستوى الأداء في المؤسسات.
كما هو معلوم، فإن النظام الأقتصادي الجديد قائمٌ أساسا على التدفق الفكري لا المالي، فكل منطقة من المناطق النامية والدول الصناعية على حد سواء تشهد تغييرات عميقة في الطريقة التي ندير بها مواردنا. وهذا ما فرضته التحولات الجذرية في تغير مفاهيم الأداء والإنجاز والعمل.
لا شك في أن المعرفة مكون أساسي في أية مؤسسة في العالم، وهو ما يُعبر عنه برأس المال الفكري. حيثُ يذهب الكثير من الباحثين إلى القول إن المؤسسة معلم أساسي للعاملين فيها، فهي تقوم بتوجيه عمليات التعلم على أساس كون التعلم التنظيمي عملية تفاعلية مشتركة تنجم عنها عوائد لجميع الأطراف ذوي المصلحة بالأهداف التنظيمية. ويتطلب هذا دورا قياديا في توجيه العاملين على العمل كفريق واحد لترسيخ تقاليد النجاح والتفوق المستمر لمؤسستهم وجعلها جزءا مهما من تراكيب المفاهيم لديهم.
إن التطور الذي يحصل نتيجة تعلم العاملين والمديرين مهارات جديدة سينعكس حتما على رفع مستوى الأداء الفردي والجماعي إلى معدلات أعلى، فيتم تقديم الخدمات والسلع بمستويات تنافسية أفضل. فيجب على القائد أن يقوم بإدارة المعرفة المتواجدة عند أعضاء فريقه والمتواجدة كرأس مال لمؤسسته بصورة صحيحة  ليضمن المراتب الأولى والتنافسية في الأداء المؤسسي. إن منظمات القرن الحالي تُعتبر مراكز تعلم تنظيمي تتيح للعاملين تعلم مهارات جديدة من خلال الحياة العملية في الميدان الذي يعملون فيه. ومن متطلبات تحقيق هذا المطلب أن يمتلك القائد الاستراتيجي قدرات ومهارات متخصصة تصب في تحسين مهارات وقدرات العاملين بمعيته في مختلف المواقع الوظيفية، وبالذات تلك المهارات التي لها مساس مباشر بصياغة القرارات التي يتخذها.
إن الشاهد البحريني واضح جدا في هذا السياق من خلال برنامج مختبرات التنافسية التي يقوم بتنفيذها مركز البحرين للتميز الذي يحظى بإشراف مباشر من صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء الموقر في العديد من الوزارات والأجهزة الحكومية، والذي يهدف إلى الاستفادة من المعرفة المتراكمة في الجهاز الحكومي ومن خبرات الموظف البحريني، واعتباره موردا بشريا مهما جدا في عملية التنمية والتطوير في المؤسسات والأجهزة الحكومية.