حسب بيانات وزارة التربية والتعليم، عدد طلبة المدارس الحكومية 133 ألفا موزعين على 200 مدرسة في جميع محافظات المملكة. مناهج جميع هذه المدارس تصدر من الوزارة كما هو الحال منذ القِدَم إلى يومنا هذا مع تحفظي الشخصي على مخرجات هذه المناهج ولكن ما رغبت في ذكره هو أن الجهاز الإداري للوزارة كله يعمل لصالح هذه المدارس الحكومية ويُقدر عدد موظفي الجهاز الإداري للوزارة بما لا يقل عن 3000 موظف أي بمعنى حسابي آخر موظف إداري لكُل 66 طالبا تقريباً.
هنا نستذكر أهم تصريح لوزير التربية والتعليم في عام 2003 عندما تحدَّث للصحافة والإعلام عن تكلفة الطالب الواحد على ميزانية الوزارة في المراحل الابتدائية والإعدادية 1100 دينار بحريني وأما تكلفة الطالب في المرحلة الثانوية تقدر بحدود 1600 دينار بحريني، في حينها لم يعلم القارئ الكريم الهدف من هذا التصريح، هل هو من مبدأ الشفافية ونشر معلومات مالية أمام البرلمان الفتي أو كان هدف هذا التصريح أخذ الموافقة لإعادة التوزيع الديموغرافي للطلبة!
بدأت المدارس الخاصة في البحرين منذ عقود طويلة حيث كانت أول مدرسة خاصة في البحرين هي مدرسة تابعة للإرسالية الأميركية، التي أسست ما قبل المدرسة في بداية القرن السابق مستشفى الإرسالية الأميركية، وثم أسست مدرسة الإرسالية الأميركية في العقد الرابع من نفس القرن والتي لاحقاً سميت بمدرسة الرجاء في عام 1973 حيث كانت هذه المدرسة تابعة للكنيسة الإنجيلية، وتبعتها مدرسة أخرى باسم مدرسة القلب المقدس تابعة للفاتيكان. كان الهدف من هاتين المدرستين هو التعليم والتبشير ولم تكونا من المدارس التجارية بالرغم من وجود بعض الأجور الرمزية تؤخذ من الطلبة وذلك لتغطية النفقات الشهرية للمدرسة.
بعد هاتين المدرستين تم تأسيس مدرسة أخرى في عام 1975 باسم مدرسة كنيسة سنت كريستوفر في المنامة منطقة (القلعة) وجميع هذه المدارس الثلاث كانت لها استقلالية تامة إلى أن أُنشئت إدارة بوزارة التربية والتعليم معنية بالتعليم الخاص وكان أول مدرائها الأستاذ الفاضل المرحوم وفا نبهان الذي أدار الإدارة بكُل حكمة ومقدرة إلى أن تم ترشيحه ليكون سفير دولة فلسطين في البحرين. ثم تولت ذلك الأستاذة الفاضلة مريم الدوي لسنوات، لفترة خروجها على التقاعد.
في عام 1977 أصدر المغفور له صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة طيب الله ثراه قرارا بتحويل مدرسة كنيسة سنت كرستوفر التابعة للكنيسة إلى مدرسة لتعليم الطلبة البحرينيين المنهج التعليمي البريطاني وتُدار المدرسة من قِبل مجلس أمناء متكون من ممثلين لمجموعة شركات وبنوك كبرى بحرينية وغير بحرينية تعمل في البحرين، مثل شركة طيران الخليج، ألبا، بابكو، ستاندرد تشارترد بنك، على أن يكونوا ملاك المدرسة وتدريجياً تتحول المدرسة إلى صفة جمعية تعمل تحت مظلة وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في حينها.
وفي عام 1982 عملت على تأسيس أول مدرسة وطنية خاصة الدكتورة مي العتيبي التي كانت ومازالت ترعى المدرسة وتُديرها بكل جدارة وكفاءة وحرص متناه على مصلحة وسمعة الطلاب والمدرسة سوياً إلى يومنا هذا حيث أصبحت المدرسة منارة للتربية والتعليم ومثلا يحتذى به في مملكة البحرين، خريجوها باتوا المفضلين في الوظائف الخاصة والعامة. بعدها تأسست مدارس معدودة وطنية وأجنبية أخرى.
عملت معظم هذه المدارس بحرفية واكتسبت معظمها السمعة الجيدة وخرجت أجيالا على مرور الزمن إلى أن خرج الوزير بتصريحاته في عام 2003 بهذه البيانات والإحصائيات وكلف الطالب على ميزانية الوزارة السنوية. من هنا بدأت تنقلب موازين التعليم الخاص حيث تغيرت تسمية مالك المدرسة إلى مستثمر وبدأت الوزارة الترويج للمدارس الخاصة كاستثمار كما لو أن الدولة تروج لجلب مستثمرين لتحويل التعليم العام إلى تعليم خاص وتحويل العبء المادي من ميزانية وزارة التربية إلى عبء إضافي على أكتاف المواطن.