العدد 2516
الجمعة 04 سبتمبر 2015
banner
هل يجوز ذلك؟ سميح بن رجب
 سميح بن رجب
الجمعة 04 سبتمبر 2015

قرارات تصدر من بعض الوزراء كما لو أنهم ينتمون لِدوّل مختلفة. في 5 مارس 2015 صدر عن وزير الصناعة والتجارة قرار رقم (3) بشأن اعتماد لائحة مصابيح الإنارة المنزلية غير الموجهة، وسيبدأ نفاذ القرار بتاريخ 2015/9/6 حيث الهدف من هذا القرار العمل على تقنين استهلاك الكهرباء حيث تم منع استيراد المصابيح التقليدية (Tangesten).
القرار يؤكد استخدام نوعين من الإضاءة وهما مصباح الفلورسنت المدمج (CFL) ومصباح الصمام الثنائي الباعث للضوء (LED) وهذان النوعان من الإضاءة يعملان على مبدأ تخفيض استهلاك الكهرباء وبنسب متفاوتة مقارنةً بما هو مستخدم حالياً والمصنع من مادة التنجستين حيث يكون نسبة التوفير في نوعية الـCFL في حدود 50 % ونسبة التوفير في نوعية الـLED تصل إلى 90 % تقريباً.
يتساءل القارئ الكريم، ماهية المشكلة في توفير استهلاك الكهرباء مع استخدام إضاءة موفرة للكهرباء؟ المشكلة هي ليست في فكرة توفير الكهرباء ولكن المشكلة في نوعية الأجهزة المستخدمة لتوفير الكهرباء حيث إنه لا يجوز ترويج مؤسسات الدولة لمنتج سيزيد من كُلف مؤسسة حكومية أخرى وتُسيئ للبيئة العامة وصحة المواطن في الآن نفسه.
قبل أكثر من 3 سنوات كانت هناك فكرة لدى وزارة المالية وبالتنسيق مع هيئة الكهرباء والماء للعمل على توفير الطاقة الكهربائية حيث تم الاتفاق المبدئي مع البنك الدولي للحصول على 3 ملايين دولار أميركي لكي يُستخدم هذا المبلغ في جلب كمية من الإضاءة نوعية CFL بمبلغ 2 مليون وتوزيعها مجاناً على مساكن المواطنين وذلك بناء على حسابات كُلف هيئة الكهرباء والماء بأنه باستخدام هذه الإضاءة ستوفر الهيئة كمية من استهلاك الكهرباء التي ستتجاوز قيمة كُلف الإضاءة نفسها، وهذه أرقام حسابية صحيحة. أما المليون الثالث الغرض منه هو تغطية نفقات جلب شركة متخصصة في جمع هذه الإضاءة المستخدمة والعمل على إتلافها حسب الأنظمة والقوانين العالمية للبيئة وقوانين منظمة الصحة العالمية.
إن تاريخ هذه الإضاءة الموفرة للطاقة الـCFL بدأ منذ سنوات عديدة وبدأته شركة ( PHILIPS ) الشركة الهولندية المعروفة بصناعاتها الإلكترونية والكهربائية وكان الهدف من صناعة هذا النوع من الإضاءة الموفرة للطاقة هو تقليل نفقات استهلاك الكهرباء على مستخدميها إلى أن اضطرت هذه الشركة لإيجاد بدائل لهذا النوع من الإضاءة الموفرة للطاقة وهو النوع الحديث والموفر بنسبة أعلى للطاقة والأسباب الحقيقية من وراء تطوير منتجهم إلى المنتج الجديد ليس فقط التوفير الإضافي في استهلاك الكهرباء ولكن السبب الحقيقي خطورة استخدام هذه الإضاءة بسبب ما تحتويه من مواد صناعية مسرطنة وهذا ما دعا إلى إيقاف صناعة هذا النوع من الإضاءة في أوروبا ومنع التعامل بها تدريجياً منذ سنوات عديدة.
لهذه الأسباب، وكمواطن وجب علي أن أوصل هذه المعلومات لأصحاب القرار في وزارة الكهرباء ووزارة المالية للعمل على إيقاف الترويج لهذا المنتج الخطير على صحة المستهلكين إلى أن وصلني خبر إيقاف مشروع استيراد هيئة الكهرباء والماء لهذا المنتج الخطير على البيئة والصحة العامة ظنا مني أن المعنيين وعوا لهذا الموضوع الذي سيتسبب في زيادة نسبة مرضى السرطان - أبعدنا الله وإياكم عن هذا المرض المُخيف - ولكن الفرحة بإيقاف هذا المشروع لم تتم مع صدور قرار رقم ( 3 ) في مارس السابق والذي صدر عن وزير الصناعة والتجارة.
لهذا نقول هل يجوز هذا؟ لكي توفر هيئة الكهرباء والماء من استهلاك الطاقة الكهربائية وتخفف الهدر الموجود لديها من جهة، ستضطر الحكومة لزيادة ميزانية وزارة الصحة من جهة أخرى أضعافا مُضاعفة من حجم توفيراستهلاك الكهرباء وأيضا سيتحمل المواطن والمقيم معاناة هذا المرض أجارنا الله شره.
من الطبيعي عندما ترغب الدولة في إيجاد بدائل والعمل على تطوير خدماتها يقتضي الأمر التغيير للأحسن والبدء من أين انتهى الآخرون، وأما ان نبدأ بنقل أخطاء الآخرين وتطبيقها لدينا فهذا مع الأسف الشديد هو فشل إداري جسيم تحتاج القيادة الرشيدة إلى النظر بتمعن الى القضايا التي وصلت إلى ذروتها.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .