العدد 2840
الأحد 24 يوليو 2016
banner
موسكو والربيع العربي... سوريا معبر لاستعادة النفوذ الدولي هشام منوّر
 هشام منوّر
الأحد 24 يوليو 2016



عندما اجتاحت ثورات الربيع العربي المنطقة بشكل مفاجئ، وهزت أركان أنظمة استبدادية كانت موالية للغرب، ظن الجميع لوهلة أن محاولات استيعاب الموجة وركوبها وتوظيفها لمصلحته سوف تطبع السلوك الغربي “المتفاجئ”، كما زعم، من انهيار أنظمة موالية له. لكن الواقع أن مرحلة التوظيف، (إن استبعدنا نظرية المؤامرة)، نجحت في عودة رموز الأنظمة البائدة إلى الحكم مرة أخرى، وقيامها بثورة مضادة كانت أعنف من الثورة التي قضت عليها.
بحلول عام 2011، ومع انطلاق الاحتجاجات التي اجتاحت العالم العربي، بدا وكأن روسيا تضع أعينها على سوريا تحديدًا، ففي الوقت الذي لم تبدِ فيه رأيًا في تدخل الولايات المتحدة وحلفائها في ليبيا من خلال حق الفيتو، وقفت روسيا بقوة أمام التدخلات المشابهة في سوريا، حيث تمتد العلاقات مع نظام الأسد عبر عقود مضت، وتحديدًا منذ عهد حافظ الأسد، الذي استضاف الوجود الوحيد للبحرية الروسية في البحر المتوسط بميناء طرطوس، فكان خيار الروس الوقوف بشكل صريح إلى جانب نظام الأسد وتوجيه أسلحتهم نحو معارضي الأسد والشعب بوجه عام.
ما تفعله روسيا في المنطقة يأتي على خلفية مصالح وتطلعات خاصة، وهو ما أكده عدد من الخبراء السياسيين، إلا أن الطموح الروسي يظل محاصرًا من قبل الاقتصاد المتراجع وتبعاته داخليًا، حيث يعاني الاقتصاد الروسي بسبب العقوبات التي فرضها الغرب بعد غزو أوكرانيا عام 2014، بالإضافة إلى تراجع أسعار النفط والغاز عالميًا وتأثيره المباشر على حجم صادرات البلاد. وعلى الرغم من ذلك، فإن روسيا دائمًا ما عهدت مثل تلك المشكلات، فهي لم تحقق ازدهارًا اقتصاديًّا من قبل في حين أن ذلك لم يؤثر على تواجدها عالميًا.
يعتقد الخبراء أن روسيا تفتقد القوة الناعمة التي تستخدمها الولايات المتحدة لبسط نفوذها عالميًا، حيث من السهل ملاحظة تأثير الأفلام والموسيقى الأميركية على الشباب العرب والإيرانيين، في حين لا نرى المثل بالنسبة لروسيا، بل إن التأثير الثقافي للمسلمين ينتشر في روسيا التي تضم 15 % من السكان المسلمين، فيما تبرز حقيقة أن المقاتلين الروس هم في المركز الثاني من حيث أعداد المنضمين لتنظيم الدولة “داعش”.
على الجانب الآخر، يرى بعض الخبراء أن تدخل روسيا ووجودها في الشرق الأوسط في ظل الأوضاع الحالية هو أمر حتمي، يقول أندريه كورتينوف، مدير عام مجلس العلاقات الدولية الروسية: “الشرق الأوسط قريب للغاية من روسيا بدرجة تجبرها ألا تتخذ موقع المتفرج لما يحدث، فهي ليست كأستراليا أو الأرجنتين، يمكننا رؤية الأمور وسط شوارعنا ومحلاتنا وبين العاملين في البناء، بل في السجون لدينا.. كل ذلك يجبرنا أن نلعب دورًا فعالًا في الشرق الأوسط”. يبدو أيضًا أن التدخل الروسي في المنطقة حذر للغاية، ويبدو أنه استفاد جيدًا من التجربة الأميركية في العراق. “المستقبل”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .