العدد 2110
الجمعة 25 يوليو 2014
banner
داعش والجزية “1” آزاد إسكندر
آزاد إسكندر
الجمعة 25 يوليو 2014


كم وصمة عار على جباهنا أن تحمل لكي نصحو من غيبوبتنا؟ مسيحيو الموصل، فرضت “داعش” عليهم الجزية باسم الإسلام ثم طردتهم من ديارهم وهم فيها من قبل أن يُعرف الإسلام على وجه الأرض، خرجوا بملابسهم فقط من بيوتهم وكنائسهم. أما نحن فكعادتنا، لا نكادُ نصحو من نومنا العميق حتى نُسارع في تبرئة أنفسنا. نقولُ: “ليس هذا من الإسلام في شيء” لنريح ضمائرنا. لكن اسمحوا لي هذه المرة أن أغتنم فرصة انتباهتنا المؤقتة هذه، لنلقي معاً نظرةً سريعةً على أصول ما فعلته “داعش” من فرض الجزية وتهجير “أهل الكتاب” في التراث الإسلامي.
الجزية في المصطلح الإسلامي هي المال الذي يُؤخذ من “أهل الذمة”، وهم غير المسلمين الذين يقيمون في “دار الإسلام” وفق شروط معينة تُسمى “عقد الذمة”، على أن تحميهم الدولة الإسلامية ماداموا ملتزمين بذلك العقد الذي من شروطه دفع الجزية عن كل ذكر بالغ عاقل حر قادر على حمل السلاح منهم.
يَرِدُ حكم الجزية في الآية رقم 29 من سورة التوبة: “قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ”.
هذه الآية لم تُنسَخ بغيرها، وهي واضحة صريحة لا تختلف تفاسير القرآن قديمها وحديثها من جميع المذاهب في بيان معناها، إلا في التفاصيل التي تخص طريقة أخذ الجزية مثلاً أو سبب فرضها وما إلى ذلك. ومفادها أن الله يأمر المسلمين بمقاتلة أهل الكتاب لأنهم لا يؤمنون بالله واليوم الآخر كما يجب، اي كما ينص الإسلام عليه. ولا يحرمون ما حرم اللهُ ورسولُه كشرب الخمر مثلاً، ولأنهم لا يدينون بالإسلام الناسخ لما سبقه من الأديان.
أما عن معنى “حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ” إلى آخر الآية، فنجد في تفسير القرآن الكريم لابن كثير: “أي إن لم يُسلموا “عَن يَدٍ” أي: عن قهر لهم وغلبة “وَهُمْ صَاغِرُونَ” أي ذليلون، فلهذا لا يجوز إعزاز أهل الذمة، ولا رفعهم على المسلمين، كما جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا تبدأوا اليهود والنصارى بالسلام، وإذا لقيتم أحدهم في طريق، فاضطروه إلى أضيقه”.
ولهذا اشترط عليهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه تلك الشروط المعروفة في إذلالهم وتصغيرهم”.
ومن تلك الشروط التي أشار إليها ابن كثير في تفسيره “... أن نوقر المسلمين، وأن نقوم لهم من مجالسنا إن أرادوا الجلوس، ولا نتشبه بهم في شيء من ملابسهم، ولا نتكلم بكلامهم، ولا نكتني بكناهم... ولا نبيع الخمور، يتبع...
إيلاف

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية