العدد 2842
الثلاثاء 26 يوليو 2016
banner
ملفــات قمــة نـواكشــوط عبدعلي الغسرة
عبدعلي الغسرة
الثلاثاء 26 يوليو 2016

يَعقد أصحاب الجلالة والسمو والسيادة الملوك والأمراء والرؤساء العرب القمة العربية  في العاصمة الموريتانية نواكشوط بعد اعتذار المملكة المغربية عن استضافتها والتي كانت مقررة في 29 مارس 2016م. في هذه القمة انعكاس للواقع العربي الدامي المضرج بالدماء، في العراق وسوريا وليبيا واليمن وفلسطين، بجانب التدخل الإيراني المُستمر في الشأن العربي وبالذات في أقطار الخليج العربي. إنها ملفات قاسية وصعبة جدًا، وقد لا يحدث توافق عربي على ما يتخذ بشأنها من قرارات. فالأوضاع السياسية العربية وتشتتها عن التوافق القومي في مصالح الأمة العربية. فالقوة العربية المشتركة التي أقرتها قمة شرم الشيخ في مصر في العام 2015م لم يتفق عليها بسبب عدم الاتفاق على طبيعتها وأهداف تشكيلها وما يُحيط بها من قضايا أخرى.
هل ستكون قمة نواكشوط  قادرة على تحقيق التوافق القومي العربي لمجمل القضايا القومية العربية؟ وهل ستكون قادرة على توحيد الأقطار العربية في مواجهة التدخلات الإيرانية في العراق وسوريا واليمن والبحرين والسعودية وفلسطين ومصر؟ وهل سيحقق البند الخاص الذي يستنكر (التدخل الإيراني في البحرين واليمن وسوريا والعراق ) و(سياسة النظام الإيراني المغذي للنزاعات الطائفية والمذهبية في أقطار الخليج العربي) إجماعًا عربيًا شاملاً؟ وهل ستكون القمة العربية الموريتانية قادرة على تبني مشروع لصيانة الأمن القومي العربي ومكافحة الإرهاب المستفحل في أقطارنا العربية؟ وماذا عن مشاريع القرارات المتعلقة بفلسطين غير تأكيد القمة (كما سلف في القمم السابقة) على (حق تقرير المصير وإقامة دولة فلسطين المستقلة، وإطلاق سراح جميع الأسرى في سجون الاحتلال، وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين)؟ وماذا عن اللاجئين والمشردين العرب في الدول الأوروبية؟
إن ما ينقص القمة العربية الحالية والسابقة لها قدرة هذه القمم على اتخاذ القرارات الصحيحة ومن ثم تطبيقها، فنحن بحاجة إلى قمة استثنائية حقيقية لتطبيق ما صدر عن هذه القمم من قرارات، قمة تنبض بالمشاعر القومية للأرض العربية، قمة بمنطق العصر، عصر القوة والتكتلات، عصر الإنتاج والاقتصاديات، عصر الحقوق الوطنية والواجبات الحكومية. لقد عقدت الحكومات العربية حتى الآن 27 قمة ومازالت أطرافنا الجغرافية تتآكل وشعبنا العربي يتألم، ويتأمل الشيء الحقيقي منها. توجع ترابنا العربي بآلام الاقتتال وتموضعت على أرضنا آليات الاقتتال، فترك شباب أمتنا مواقعهم الإنتاجية والأطفال غادروا مدارسهم التي تحولت إلى مراكز عسكرية. ذهبت فلسطين وقبلها الأحواز وتلتها الجولان ولواء الإسكندرون والجزر العربية الثلاث، وبعدهما أجزاء من لبنان والعراق وتقسيم السودان، والقادم في سوريا واليمن وليبيا هو الأسوأ، ومازالت قممنا العربية تعقد بلا نتيجة وجامعتنا الميتة لا حول لها ولا قوة.
الأمة العربية تمر اليوم بمنعطف خطير يُهدد وجودها وهويتها، فهي تعيش في انقسامات عمودية وأفقية قصمت ظهر مكوناتها الوطنية والقومية، اخترقتها الأجندات الإقليمية والدولية ودعمت نزاعاتها الانفصالية، أمتنا تخوض حروبًا ضد نفسها في بعض أقطارها، ثروات أمتنا العربية رُهنت لصالح مصانع إنتاج الأسلحة الفتاكة التي يُقتل بها الشعب العربي، مواردها استهلكت وأزماتها الاقتصادية توسعت وأصبحت أمة تتسول تنميتها بفتات ما تقترضه من الخارج. فهل تستطيع القمة العربية المُوريتانية أن تتخذ قرارًا حازمًا وعاجلاً لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الأرض العربية؟ وهل تستطيع القمة أن تسد الفراغات الأمنية التي اخترقها وتخترقها الأجندات الدولية والإقليمية التي حولت أقطارنا العربية إلى ساحات للصراع العسكري وتصفية الحسابات؟
الكوارث صعبة والنوايا الدولية والإقليمية المُبيتة ضد أمتنا العربية وشعبها العربي كثيرة ولن تنتهي، فتقسيم المجزأ من أقطارنا يُعد لتقسيمه إلى كانتونات صغيرة على أسس عرقية ودينية وطائفية، وجعلها كيانات هزيلة فاشلة لا تملك قرارها ولا تتحكم في مصائرها. وقيام هذه الأطراف بتصعيد الإرهاب الدموي في أقطارنا بحجة محاربته، وتغلغل النظام الإيراني في أقطارنا العربية لتأجيج مشاعر الطائفية المذهبية والعرقية. فكيف ستواجه قمة موريتانيا كل ذلك؟.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .