العدد 2671
السبت 06 فبراير 2016
banner
الانتخابات في الدولة الإيرانية عبدعلي الغسرة
عبدعلي الغسرة
السبت 06 فبراير 2016

يستعد النظام الإيراني في 26 فبراير 2016م لإجراء عمليتي انتخاب، الأولى لمجلس الشورى (البرلمان) ولمدة أربع سنوات، والثانية لمجلس الخبراء لمدة سبع سنوات، وهما هيئتان صوريتان، ولا يمكن لأي شخص أن يترشح لإحداهما إلا لمن يوالي المُرشد الأعلى الحاكم. الهيئتان حظيتا بحقهما وأكثر من الانتقادات في داخل وخارج إيران منذ عام 1979م، فظاهرهما ديمقراطي وباطنهما ولائي. ولا يوجد هناك تنافس حقيقي بين ما يُسمى بنواب الهيئتين (المتشددين والمعتدلين)، فالغلبة دائمًا وأبدًا لمن يُزكيهم ويُعينهم المُرشد الأعلى بغض النظر عن عدد الأصوات التي يحصلون عليها. فعملية الانتخاب للهيئتين تتم تحت إشرافه وبمعية ما يُسمى بالحرس الثوري وبمشاركة بعض الدوائر النافذة في نظام الحُكم الإيراني. وكل عملية انتخابية تحتاج إلى نظام ديمقراطي إلا الانتخابات في الدولة الإيرانية، فالشخص الذي يطمح إلى الترشيح لإحدى الهيئتين عليه أن يتمتع بمؤهل واحد لا غيره، ألا وهو ثقة وموافقة المُرشد لترشحه، فالمُرشد الأعلى لا يمنع أي أحد من أن يترشح للانتخابات، لكن المُرشح لا يشغر منصبه إلا بتزكية منه.
والسبب في ذلك يعود إلى نظام إدارة الدولة الإيرانية منذُ عام 1979م، إذ إن مجلس صيانة الدستور لا يقبل تأهيل أي مُرشح للانتخابات إن لم يكن له ولاء كامل للمُرشد الأعلى للدولة، وولاؤهم له يعني اعترافهم الكامل بسلطته على جميع شؤون الدولة الإيرانية، وهو مبدأ “ولاية الفقيه”. وتأتي الموافقة على التأهيل بالترشيح من قبل مجلس صيانة الدستور وعددهم (12) عضوًا (6 رجال دين و6 محامين) وبتعيين من المُرشد الأعلى. ويتميز هذا المجلس بتشدده البالغ للنهج الإصلاحي في السياسة الإيرانية في الداخل والخارج، وهو الذي يعلن حِصرا نتائج العملية الانتخابية.
وتأتي أهمية انتخابات مجلس الشورى كونه الأداة الرئيسية لتنفيذ سياسة الدولة، فالحرس الثوري هو الذي يقوم بتسمية العديد من المرشحين وإنجاحهم خصوصا في المناطق البعيدة والمُهمشة، ومن هذا المجلس يتم تعيين مجلس الوزراء، وتمر عبر أبوابه الميزانية العامة للدولة، وفي عهدته تكون ملفات السياسة الداخلية والخارجية والملف النووي. وبذلك يتحكم المُرشد الأعلى بهاتين الهيئتين دون أن يتحمل المسؤولية عن السياسات التي تتبناها الحكومة نتيجة ذلك. وهذا ما أكده الناطق باسم الحكومة الإيرانية في خطابه أمام البرلمان في 12 مايو الماضي (انه العرف المعتاد بأن يُعبر المُرشد الأعلى عن آرائه حول بعض مشاريع القوانين لمجلس الوزراء عن طريق مسؤولي مجلس الشورى).
المحصلة النهائية لانتخاب الهيئتين في عام 2016م لن تكون أفضل من سابقتها، فالمؤهلات التي على المرشحين أن يملكوها هي مكانتهم لدى المُرشد وثقته فيهم، أي ولاؤهم له ولكيفية إدارته الدولة. وتتزامن انتخابات 2016م بموعد رفع العقوبات عن إيران بعد التوقيع على الملف النووي، وبوعود الرئيس الإيراني التي قطعها للشعب الإيراني (بتحسين ظروفه المعيشية بشكل جذري بمجرد رفع العقوبات). وهذا التحسين ليس عاجلا لأنه يحتاج إلى وقت كثير وإلى إدارة ذات كفاءة قادرة على التصرف بالمليارات من الدولارات التي ستهطل على الدولة الإيرانية من المصارف الغربية بعد رفع كامل العقوبات عنها.
إن العملية الانتخابية في إيران تحتاج إلى مُرشحين وإلى التغطية الإعلامية والقدرة التنظيمية، ولا عزاء للإصلاحيين في ذلك. بالنسبة للمرشحين فقد قام مجلس صيانة الدستور بإقصاء مُعظم المرشحين الإصلاحيين عن انتخابات مجلس الخبراء، كما رفض أوراق حوالي 99 % من المرشحين الإصلاحيين لمجلس الشورى. وكل وسائل الإعلام تسيطر عليها الدولة، ومُحرم على الإصلاحيين التعامل معها، أما تنظيمات الإصلاحيين فهي لا تمارس أي نشاطً بسبب فرض الحظر عليها وعلى رؤسائها.
وكما هو معروف بأن البرلمان وأشغاله تكون لجميع مَن يرغب من المواطنين بالترشح، وهو حق دستوري وإنساني لجميع أفراد الأمة دون تهميش أو إقصاء لأحد، سواء كانوا من المؤيدين أو المعارضين للنظام. والمهمة الأساسية والأولى لمجلس الشورى ــ البرلمان ــ الإيراني القادم مساندة الرئيس الإيراني في خطواته نحو تحقيق الإصلاحات كما وعد ابان حملته الانتخابية. ولكن الأمنيات شيء والواقع الانتخابي في الدولة الإيرانية شيء آخر.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية