العدد 2603
الإثنين 30 نوفمبر 2015
banner
ذكرى الاحتلال الإيراني للجزر الإماراتية العربية الثلاث عبدعلي الغسرة
عبدعلي الغسرة
الإثنين 30 نوفمبر 2015

تمر في يوم الثلاثين من نوفمبر الذكرى (44) للاحتلال الإيراني للجزر الإماراتية العربية الثلاث، حيث أقدم النظام الإيراني في 30 نوفمبر 1971م على احتلال (طنب الكبرى، طنب الصغرى ــ رأس الخيمة، وأبوموسى ــ الشارقة)، قبل إعلان استقلال وتأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة في 2 ديسمبر 1971م.
لم يحدث الأمر في عام 1971م، بل كان مخططًا له سابقًا، إذ ترجع جذور الأطماع الإيرانية في الجزر العربية الواقعة في حوض الخليج العربي إلى القرن الثامن عشر عندما تمكن القواسم من بسط سيطرتهم على سواحل الخليج العربي الجنوبية بشطريها الشرقي والغربي، وكان هذا الامتداد على الساحل العربي موجودًا ابان حُكم إمارة “بني كعب” الواقعة في منطقة المُحمرة “عربستان” إلى إمارة “بوشهر” التي كان يحكمها أتباع “الشيخ ناصر آل مذكور” الذين عُرفوا تاريخيًا باسم “النصور”، وكذلك عرب “بندر ريق”، ثم سلسلة من عدة قبائل عربية مختلفة سكنت على طول ساحل الخليج العربي إلى مدينة “لنجة” العاصمة القاسمية هناك التي تقع مقابل إمارة رأس الخيمة تقريبًا.
ويَذكر المؤرخون التاريخيون والباحثون السياسيون أن احتلال إيران الجزر العربية الثلاث يعود لأسباب استراتيجية وأخرى اقتصادية.
وتكمن الأسباب الاستراتيجية في أن الجزر العربية الثلاث تقع في مدخل الخليج العربي، وباحتلالها يمكنها السيطرة على مضيق هرمز، إذ إن هذه الجزر تعد منطقة استراحة للسفن القادمة والخارجة من مضيق هرمز. ومن ناحية أخرى فإن الخليج العربي يحتل موقعًا جغرافيًا استراتيجيًا وحساسًا بين مجموعة من الدول والشعوب، حيث تطل إيران عليه من جهة الشرق، والأقطار العربية من الشمال، وأقطار الخليج العربي من الغرب، ويُعتبر بحر العرب وخليج عُمان مكملين للخليج العربي في الأهمية والاستراتيجية لموقع الجزر العربية الثلاث. ولم تكن إيران وحدها التي سعت لاحتلال الجزر بل كانت هناك دول عديدة سعت لاحتلالها بسبب مميزاتها الاستراتيجية.
أما الأسباب الاقتصادية فتعود إلى توافر النفط الخام في هذه الجزر، مع كميات كبيرة من أكسيد الحديد في جزيرة أبوموسى. وتقع مناجم الأوكسيد الأحمر في الشمال الشرقي من الجزيرة، وتم استغلال هذه المناجم أول مرة في عام 1934م، ثم أغلقت خلال سنوات الحرب العالمية الثانية من عام 1940م وحتى عام 1947م، وكانت الشركة تدفع (خمسين ألف روبية) سنوياً لحاكم الشارقة مقابل حقوق التنقيب. وكان إنتاج الأوكسيد الأحمر آنذاك حوالي (2500) طن في الموسم الجيد، وكانت الشركة تؤمن إنتاجاً يتكدس تحت الطلب ليتم شحنه إلى مدينة بريستول البريطانية، وتعتبر نوعية الأوكسيد الأحمر المنتج من الجزيرة من الصنف النقي بحيث لا يحتاج إلى تصفية كثيرة. ومن الثروات الطبيعية الموجودة في الجزيرة كبريتات الحديد والكبريت، إضافة إلى اكتشاف النفط في مواقع بحرية تابعة لها (حقل مبارك).
لقد تأملت دولة الإمارات العربية خيرًا بعد تغير النظام الإيراني في عام 1971م بعودة الجزر إليها، إلا أن نهجه لم يتغير عن النظام السابق بتعنته باحتلال الجزر وعدم إرجاعها إلى أصحابها الشرعيين، لكونها تشرف على الشريان المائي والملاحي الذي يمثله الخليج العربي المرتبط ببحر العرب والمحيط الهندي من جهة الشرق والبحر الأحمر من جهة الغرب، ولتحكم هذا الموقع بتصدير النفط من مناطق إنتاجه في الدول المطلة عليه إلى الدول المستوردة في أوروبا وأميركا واليابان. ومع مرور السنوات تأكد أن الجزر العربية المحتلة ليست مجرد جزر صخرية بل كان احتلالها مُقدمة لنوايا إيرانية سياسية وعسكرية أثبتت ممارسات النظام الإيراني صحتها باحتلال العراق وتواجد قواته العسكرية في عدد من العواصم العربية (دمشق، بيروت واليمن) وقبلها احتلال إقليم الأحواز العربي في عام 1925م.
إن استمرار الاحتلال الإيراني للجزر الثلاث وإقليم الأحواز العربي وتواجد قواته العسكرية في عدد من العواصم العربية ودعم العناصر المناهضة للأنظمة الشرعية في أقطار الخليج العربي لا يفتح أي باب حقيقي للحوار والتفاهم بين الأقطار العربية وأقطار الخليج وبين النظام الإيراني. لقد طالبت دولة الإمارات العربية كثيرًا بحقها وملكيتها للجزر العربية الثلاث بموجب الأعراف والقنوات القانونية الدولية إلا أن نوايا الاحتلال واغتصاب حق الغير لن يتغير ما لم يتغير هذا النظام ويندحر من الموجود.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .