العدد 2513
الثلاثاء 01 سبتمبر 2015
banner
الأموال الإيرانية في خدمة الأهداف التوسعية عبدعلي الغسرة
عبدعلي الغسرة
الثلاثاء 01 سبتمبر 2015

النظام الإيراني وهو تحت الحصار التجاري والمالي والمصرفي يملك الكثير من الأموال، غير تلك الأموال التي من المحتمل أن يسترجعها من عواصم “العقوبات الغربية” بعد رفع العقوبات الدولية عن إيران كأحد بنود الاتفاق الذي وقع بينها وبين مجموعة (5 + 1).
لو أن النظام الإيراني حصل على هذه الأموال أو جزءًا منها، أين سينفقها؟ هل سينفقها على التعليم حيث ترتيب مؤشره العالمي (122) من بين (176) دولة؟ أم سينفقها على البنية التحتية شبه المنهارة وهي التي تمتلك ثاني أكبر مخزون كلي للطاقة في العالم؟ والمرتبة (93) من أصل (190) في الرعاية الصحية؟ والأصح من ذلك سيتم إنفاقها سياسيًا وعسكريًا وليس اقتصاديًا، ووفقًا لرأي مراكز القوى الأساسية للنظام الإيراني الثلاث، والمتمثلة في الحرس الثوري كقوة عسكرية وسياسية واقتصادية، والثانية قوى دينية بزعامة المرشد الأعلى للدولة والتي تشكل العصب الآيديولوجي للنظام، والثالثة قوى بيروقراطية الدولة المتمثلة بالرئاسة والجهاز التنفيذي للنظام الإيراني. وكل قوة من هذه القوى سيكون لها نصيب من هذه الأموال. وأحداث المنطقة ترجح أن ينفق النظام الكثير من هذه الأموال على تدخلاته العسكرية والسياسية في شؤون الأقطار العربية بدعمه الأساسي للأحزاب والجمعيات والدول التابعة لنهج ولاية الفقيه.
المشكلة أن هذه المراكز المتحكمة في الشعب الإيراني وفي مقدراته ستتصارع من أجل أن يحصل كل فريق منها على النسبة الأكبر من هذه الأموال، فالقوى العسكرية تريد أن تضخ المزيد من الأموال في برامجها العسكرية خصوصًا البرنامج النووي والبرامج الصاروخية الباليستية، والقوى الدينية ستطالب بالحصة المالية الأكبر لتقوية مؤسساتها الداخلية والخارجية بضخ الأموال إليها، بينما الجهاز التنفيذي للدولة يبتغي أن يحصل على حصة مالية أكثر من السابقين لتنفيذ برامجه الاقتصادية والسياسية. بينما في الحقيقة فإن الشعب الإيراني المغلوب على أمره يحتاج إلى هذه الأموال سواء كانت الموجودة أو المجمدة والمحتمل أن يحصل عليها بعد رفع العقوبات التي بدأت منذ عام 1979م عندما أمر الرئيس الأميركي جيمي كارتر بتجميد موجودات إيران في البنوك الأميركية وفروعها في العالم، حيث قدرت قيمة الأموال آنذاك بين (10 و12) مليار دولار، والآن يبلغ حجمها بين (125 و150) مليار دولار. إضافة إلى وجود حساب مصرفي سري في “بنك إسرائيل” منذ ثلاثين عامًا يبلغ (256) مليون دولار يعود إلى شركة النفط الإيرانية، وحساب إيران المصرفي في مصرف “يو سي أو” الهندي يبلغ (3) مليارات دولار حتى نهاية شهر مارس 2015م، وأموال أخرى مجمدة في مصارف عالمية في الصين والهند واليابان بما يقارب (100) مليار دولار، وغيرها من الحسابات السرية الأخرى.
وليس المهم هو كم هي حجم الأموال التي تملكها إيران في البنوك العالمية في خارج إيران وفي داخلها، ولكن التساؤل ما سيفعله النظام الإيراني بهذه الأموال؟ هناك فرص حقيقية للدولة الإيرانية بأن تستفيد من هذه الأموال المجمدة التي ستحصل عليها في تنمية بلادها وتنمية شعوبها، وهي أفضل كثيرًا من الولوج في سباقات التسلح العسكري والنووي وإنفاق الجزء الكبير منها على فروع حزب الله في الأقطار العربية  والجمعيات والتنظيمات السياسية والعسكرية الموالية لولاية الفقيه. ولكن قد تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، فهذا المال الكثير من المرجح أن تستخدمه إيران في دعم حروبها بالوكالة في المنطقة العربية، وأن يصبح النظام الإيراني أكثر غطرسة وعنجهية في العراق ولبنان وسوريا واليمن، علمًا أن النظام الإيراني حصل فعلاً على (10) مليارات دولار من أصوله المجمدة في المصارف الأجنبية بعد التوصل إلى الاتفاق التمهيدي في شهر نوفمبر 2013م. فهل سيستفيد النظام الإيراني من درس تجميد أمواله أم سيسير في نهجه المعادي للأمة العربية؟ وهل سينفق أمواله لتحقيق أهدافه التوسعية في المنطقة العربية؟.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية