العدد 2458
الأربعاء 08 يوليو 2015
banner
الميزانية العامة للدولة عبدعلي الغسرة
عبدعلي الغسرة
الأربعاء 08 يوليو 2015

بعد موافقة أغلبية أعضاء البرلمان على الميزانية العامة للدولة أصبحت نافذة المفعول والتطبيق، والموافقة والاعتراض على مشروع الميزانية العامة، آراء شخصية النواب، وأكثرها ليست موضوعية، لأن أعضاء المجلس ليس لديهم الإلمام الكافي بالتخصصات المالية وبعِلم المالية العامة الذي يدرس عِلم الميزانية العامة والإيرادات والنفقات العامة وأبوابها. وما تم نشره في الجرائد المحلية وتابعناه من مناقشات وآراء ما هو إلا دغدغة مشاعر المواطنين، ولا يقترب من الفهم الحقيقي لعِلم الميزانية العامة واختصاصاتها، فما هي الميزانية العامة للدولة؟
الميزانية العامة للدولة هي عبارة عن “بيان تفصيلي يُوضح تقديرات إيرادات الدولة ومصروفاتها، مُعبرًا عن ذلك في صورة وحدات نقدية، تعكس في مضمونها خطة الدولة لسنة مالية مقبلة أو اثنتين”، وإصدارها يكون من اختصاصات الهيئة التنفيذية متمثلة في وزارة المالية، ويتم اعتمادها من قبل السلطة التشريعية في البلاد. فمن هذا التعريف نستنتج أركان الميزانية الأربعة وهي: “بيان بإيرادات الدولة ومصروفاتها، تقديرية وليست فعلية، تتعلق بفترة مالية محددة وتكون معتمدة من قبل البرلمان”. وبعد مرحلة إصدار الميزانية وهي المرحلة الثانية والتي سبقتها مرحلة الإعداد للميزانية تأتي مرحلة تنفيذ الميزانية ويتم خلالها تنفيذ الاعتماد المالي من صرف وعوائد وفي حدود الاعتماد الموضوع لها، ويتم التأكد في المرحلة الرابعة من مراحل الميزانية العامة وهي المراقبة المالية لتنفيذها، وذلك من خلال أجهزة الرقابة المالية الذاتية لكل وزارة ومؤسسة حكومية ومن قبل وزارة المالية ومتابعة من البرلمان بحيث يتم التأكد من أن الصرف المالي يتم في حدود الاعتماد المُدرَج وفي الأغراض المُخصص له، وأن إجراءات الصَرف تتم بصورة سليمة وقانونية.
ومرحلة الرقابة على الميزانية هي من أهم مراحل الميزانية، إذ إنه يتوجب التأكد بأن المصروفات المالية حققت الهدف من إنفاقها، وأن لا يتم إنفاقها لمجرد شراء سلع وخدمات متفرقة، فدور الرقابة يجب أن ينصب على طبيعة أنشطة وأعمال الأجهزة الحكومية أكثر من اهتمامها بموضوع الإنفاق، بهدف التأكد من أن الخدمة أو النشاط الحكومي الذي تم وتحقق يتوافق مع ما كان مُخططا، أي تحقيق التوازن بين الأداء والتخطيط والاعتماد. ويتم بعد ذلك وهي المرحلة الخامسة للميزانية تقييم الأداء، أداء الميزانية من حيث كفاية الاعتماد المالي للمشاريع، أو عدم كفايتها ودراسة أسبابها، وتهدف هذه المرحلة إلى معرفة مستوى الأداء للميزانية. وفي ظروف مالية معينة تدعو الدولة مؤسساتها ووزاراتها إلى ترشيد الإنفاق دون إسراف ولا تقتير بحيث لا يتأثر الإنفاق على المشاريع الحياتية للمواطنين، وأحيانًا تتم المفاضلة بين المشاريع المخطط لها والبرامج البديلة لتحقيق أهداف الميزانية العامة، والتركيز على كيفية تحقيق الأهداف وتوفير وسائل تقييم آثار مستويات تمويل الميزانية، بما يُحقق أفضل النتائج للميزانية العامة.
ويقتضي أن تتسم الميزانية العامة بالوضوح الكافي، فالوضوح يُساعد على فهم محتويات وتفصيلات الميزانية بحيث لا يتم إدراج اعتمادات مالية مُجملة ومُفصلة، وتبويبها وعرضها بوسائل بسيطة ومقبولة. وأن تتسم بالمرونة لتسهيل تنفيذها ولمراعاة الاحتمالات المختلفة التي قد تواجهها أثناء التنفيذ، والبحث عن البدائل لهذه الاحتمالات، ومن البدائل، كمثال، سهولة النقل من بند لآخر في الباب الواحد ومن إمكانية النقل من مجموعة اعتمادات داخل الباب الواحد.
إن تحقيق التوازن الرقمي بين مصروفات الميزانية وإيراداتها من الأمور المهمة في الميزانية العامة، إلا أن هذا التوازن قد يتعرض للاختلال نتيجة للظروف التي تمر بها الدولة (الظروف الأمنية والحروب والكوارث)، لذا أصبح مبدأ وجود العجز في الميزانية العامة أمرا شائعا، وهذا العجز تتم معالجته بأمور كثيرة، منها الاقتراض من الداخل أو الخارج، أو بالضغط على بعض الإنفاق أو محاولة زيادة الإيرادات للدولة، وقد تلجأ الدولة مضطرة إلى تخفيف الدعم عن بعض السلع والخدمات، أو إلى فرض الضرائب على المواطنين، وكل هذه الإجراءات هي مالية مؤقتة لتلافي أي قصور في خدمات الدولة للمواطنين، فالميزانية وضعت وأعدت وتنفذ لمصلحة البلاد والمواطنين عمومًا.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .