العدد 2416
الأربعاء 27 مايو 2015
banner
في ذكرى تأسيس مجلس التعاون لأقطار الخليج العربي عبدعلي الغسرة
عبدعلي الغسرة
الأربعاء 27 مايو 2015

اتحدت أقطار الخليج العربي (مملكة البحرين، المملكة العربية السعودية، دولة الكويت، الإمارات العربية المتحدة، دولة قطر وسلطنة عُمان) في 25 مايو عام 1981م في منظمة عربية إقليمية، وجاء تأسيس مجلس التعاون لأقطار الخليج العربي لرغبة القيادات الخليجية في تشكيل نواة وحدة لأقطارها لتحقيق التكامل السياسي والاقتصادي والأمني في ظل تحديات مطلع الثمانينات، ولتوحيد مواقفها تجاه المخاطر الأساسية الناجمة عن النزاع في منطقة الشرق الأوسط والتدخلات الأجنبية، ومن المخاطر الناجمة عن السياسة الخارجية الإيرانية التي بزغت بعد إعلان بريطانيا رغبتها في الانسحاب من حوض الخليج العربي وقناة السويس. ولا يتعارض هذا المجلس مع احتفاظ كل قطر خليجي بهويته الثقافية والحضارية وقوانينه الخاصة به وسيادته، ومتلاحمًا مع أسس وأهداف جامعة الدول العربية ومتفاعلاً مع منظمة هيئة الأمم المتحدة، ووثيق الصلة مع منظمة التعاون الإسلامي. ويجمع بين أقطار مجلس التعاون صلة القربى والنسب والتاريخ والمصير المشترك والعادات والتقاليد المشتركة والمتشابهة جدًّا في الكثير منها، بجانب ذلك فالمجلس يعمل على انتهاج سياسة خليجية موحدة ويعمل على تحقيق التكامل بين أقطاره في ميدان السياسة والمال والاقتصاد والدفاع والأمن لتشابه أنظمته وتكوينها السياسي.
إن تأسيس مجلس التعاون لم يكن أثره السياسي فقط على أقطار الخليج العربي بل كان مساره إيجابيًّا على الأقطار العربية الأخرى، إذ إن ميثاقه لم يتعارض مع ميثاق جامعة الدول العربية، بل كان مساندًا وداعمًا له، ولم يكن رفضه لانضمام اليمن والعراق إلا لكون أنظمة أقطار المجلس الَملكية تختلف عن الأنظمة الجمهورية. ومنذ تأسيس المجلس لعب دورًا مهمًّا على الصعيد الخليجي والعربي والدولي وفي العالم الإسلامي بسبب ما تملكه أقطار المجلس من امتداد جغرافي وإمكانيات اقتصادية على الرغم من التباين بينها في مستوى التطور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والقدرات العسكرية، فهذه التباينات حددت مكانة كل قطر ودرجة الاهتمام بوجودها وطبيعة العلاقات مع بقية الأقطار الأعضاء.
ويُعتبر الأمن الإقليمي هو أساس مجلس التعاون وهاجسه الأول، فهي تؤكد في جميع مؤتمراتها الدورية والسنوية بأن مسئولية حفظ الأمن والاستقرار في المنطقة ( الخليج العربي) يتحملها المجلس وشعبه العربي، وهو المُعبر الحقيقي عن إرادة هذا الشعب وأقطاره وحقوقها في حماية أمن المنطقة واستقلالها، ويرفض المجلس دائمًا وباستمرار أي تدخل أجنبي، كما يرفض أن يتم تحويل منطقة الخليج العربي إلى حلبة للمواجهة بين الدول الكبرى والقوى الإقليمية، وتعمل جاهدة على ضمان أمنها القومي. وهذا الأمن يتطلب قوة عسكرية مجتمعة لا منفردة، فجاءت فكرة إنشاء قوات مسلحة خليجية عربية موحدة والتوقيع على اتفاقية الدفاع المشترك لتحقيق أحد أركان مجلس التعاون وهو التكامل العسكري الشامل الذي تطور بشكل تدريجي. وفي عام 1984م تم الاتفاق على تشكيل هذه القوات لاستخدامها للدفاع عن أي قطر خليجي في تعرضه لأي تهديد، ومنها انبثقت “درع الجزيرة” المرابطة في قاعدة “الملك خالد” العسكرية بمنطقة حفر الباطن بالمملكة العربية السعودية.
إن الأمن الإقليمي لمجلس التعاون أمن موحد غير قابل للانقسام، وجميع أعضاء المجلس يتحملون مسئولية مشتركة لصد أي عدوان على أي عضو فيه. وبعد أن أصبح الإرهاب ظاهرة حياتية تعيشها المنطقة العربية والخليجية أصبح التنسيق في مجال الأمن طابعًا ثابتًا لا رجوع عنه، وبخاصة مع استمرار استفزازات النظام الإيراني وتدخلاته المستمرة في شؤون أقطار الخليج العربي ودعمه لنشر القلاقل والاضطرابات فيها. فمهمة المجلس اليوم هو إنقاذ مجلس التعاون من كافة المخاطر من إرهاب وتدخلات خارجية. وهذا الأمر لا يتعارض مع التعاون العسكري والأمني مع الدول الغربية والشرقية وبموجب اتفاقيات ثنائية وجماعية مشتركة.
وتجسيدًا لمبادئ الدفاع عن حوض الخليج العربي وأقطاره لبت القيادة السياسية للمملكة العربية السعودية نداء اليمن وشعبه للدفاع عن أمنه وسيادته من التمرد الحوثيين وحلفاؤهم المدعوم من قبل النظام الإيراني، حيث ثبت جليًّا بأن التحدي الأول لأمن أقطار مجلس التعاون هو السياسة الخارجية الإيرانية التي عملت وتعمل على زعزعة الاستقرار في أقطار المجلس، وكانت عاصفة الحزم هي الرد الحاسم على هذا التدخل الدائم والمستمر الذي هو تجسيد فعلي لمبدأ “تصدير الثورة الإسلامية” إلى الأقطار الخليجية والعربية من خلال تشجيع التنظيمات المتطرفة، والساعي إلى تحقيق الهيمنة على المنطقة العربية ومقدراتها. وهذه السياسة تمثل عقبة أمام إقامة علاقات طبيعية بين مجلس التعاون والدولة الإيرانية، فلا يمكن إقامة علاقات طيبة والتغاضي عن تدخل إيران المستمر في شؤون أقطار المجلس الذي يشعل فتيل النعرات الطائفية.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .