العدد 2383
الجمعة 24 أبريل 2015
banner
لماذا يتدخل الآخرون في قضايانا العربية؟ عبدعلي الغسرة
عبدعلي الغسرة
الجمعة 24 أبريل 2015

تمنع جميع دول العالم تدخل الآخرين أو الدول الأخرى في شؤونها الداخلية، فالشأن الداخلي هو شأن خاص لهذه الدولة وتلك، وهو بمثابة خط أحمر وعلى الدول الأخرى مهما كانت علاقتها بها ألا تتدخل في شؤون هذه الدولة، سواء كان التدخل سياسياً أو اقتصادياً أو أمنياً أو اجتماعياً أو ديمقراطياً، إلا أن هناك الكثير من الدول الغربية والإقليمية تتدخل في الشأن العربي، وكأن الأقطار العربية واقعة تحت وصايا هذه الدول.
 نعم هناك علاقات بين الدول، وهذه العلاقات تحددها مصالح كل دولة، ولكن التدخل في شأن الدول الخاصة خارج عن دائرة العلاقات والمصالح، وإذا كانت هذه الدول الغربية والإقليمية خائفة على مصالحها فإن ما يضمن هذه المصالح هو الاتفاقات والتعهدات البينية الموقعة بين حكومات هذه البلدان والحكومات العربية.
 وثانياً إن هذه الدول تمنع على الآخرين أيضاً التدخل في شؤونها الخاصة أو حتى في علاقتها مع الدول الأخرى، إذن لماذا هذا التدخل الدائم في قضايانا العربية؟ أولاً من أجل حماية مصالح تلك الدول، ثانياً فهو لحماية بعض الأنظمة والحكومات التي تتوافق مع تلك المصالح، وثالثاً وهو الأهم حماية الأمن الصهيوني، إذ إن اللوبي الصهيوني له مصالح في جميع دول العالم، والكثير من المصالح الاقتصادية والأعمال الاستثمارية من إنتاجية وخدمية لها علاقة مباشرة مع هذا اللوبي، حتى أن حدث أي تغيير فالدول الكبرى وعواصمها تسعى لأن يصب هذا التغيير في نهر مصالحها وأجندتها العالمية وهناك من الدول كإيران وأميركا على سبيل المثال لا الحصر تعاني من الكثير من المشاكل السياسية والاقتصادية على الصعيد الداخلي والخارجي وتتدخل كثيرًا في العُمق العربي والآسيوي والإفريقي وفي أميركا اللاتينية، هذا التدخل يطرح الكثير من الأسئلة، لماذا تتدخل إيران وواشنطن وعواصم الغرب في شؤوننا العربية؟
 أليس من الأفضل لهذه الدول أن تحل مشاكلها الداخلية أولاً وتسوي نزاعاتها مع المجتمع الدولي ثانياً ؟ ولماذا تجعل من أقطارنا العربية ساحة لتصفية حساباتها مع الآخرين؟
أن التدخلات الأجنبية تستهدف تحويل العديد من الأقطار العربية إلى بؤرة للصراع وساحة للمواجهة ولتصفية الحسابات الدولية، وهذا التدخل سواء الأميركي أو الإيراني أو الغربي عموما يهدف أيضاً إلى القفز من المأزق الداخلي والبحث عن غطاء لأزماتها الخارجية إن الوطن العربي بقياداته السياسية وشعبه يرفض التدخلات الأجنبية في شؤون أقطاره، وإن إدارة الأزمات العربية الخارجية من احتجاجات ومسيرات واعتصامات وأصوات معارضة هي من اختصاص العمل السياسي الداخلي، هذا مع العلم أن الحكومات العربية لا تستطيع أن تمنع هذه التدخلات أو تعمل ضدها شيئاً، لذا، فإن التدخل الأجنبي المستمر في الشؤون العربية هو نتاج غياب التضامن العربي، ولو كان هناك تضامن عربي حقيقي وصحيح وفعال لما استطاعت العواصم الغربية والإقليمية وغيرها أن تتدخل في شأننا، إلا أن الضعف العربي وتشتت الحكومات العربية وعدم صياغة قرار عربي يحميها يجعل من أبواب التدخل مفتوحة، ويشجع تلك العواصم كثيراً على التدخل في شؤوننا العربية. نتمنى أن تكون عاصفة الحزم العربية بداية الطريق الصحيح لتفعيل القدرات العربية من أجل تحجيم هذه التدخلات الدائمة والمستمرة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية