العدد 2356
السبت 28 مارس 2015
banner
منهج التعايش والسلام التربوي عبدعلي الغسرة
عبدعلي الغسرة
السبت 28 مارس 2015

اشتق اسم التعايش من العيش الآمن في الحياة، والسلام من أسماء الله الحُسنى، وتحية الإسلام “السلام عليكم”، والإنسان كما وُلد في سلام يبتغي العيش عيشة كريمة مُطمئنة في أمن وسلام، والحياة إطار يتسع للجميع في ظل التعايش المشترك، فالسلام الحقيقي وقيم التسامح أولاً مع الذات ثم إلى الآخر. وهناك مكانان يستطيع فيهما الإنسان أن يتعلم مبادئ العيش المشترك وقيم التسامح، وهما البيت والمدرسة، وإذا تعلم أسس وقيم التعايش والتسامح في البيت فإن مهمة المدرسة ستكون سهلة في متابعة تعليم هذه القيم، والمدرسة هي البيت الثاني للطلبة يستكملون فيها تعليمهم. لذلك فالبيت والمدرسة شريكان في التربية والتعليم المدني والمجتمعي.
وتحقيقًا لهذه المبادئ وصقلاً لتجارب المعلمين بدأ قطاع المناهج والإشراف التربوي بوزارة التربية والتعليم تفعيل مشروع المدرسة المعززة للمواطنة وحقوق الإنسان بعقد دورة تدريبية لمدارس التجربة لبعض المدارس الإعدادية من البنين والبنات، بهدف تعزيز قيمتي التسامح والتعايش لدى طلبة المدارس من الناحيتين المعرفية والتطبيقية ضمن المهارات الحياتية والعيش المشترك داخل المدرسة. وفي ذات الوقت فهي ستساهم في تعزيز مهارات المُعلمين من خلال تطبيق الأنشطة الصفية واللاصفية في المدرسة من خلال مجموعة من البرامج المتنوعة من نظرية وعملية معتمدة على المعارف والمهارات التي ترتكز على تعزيز قيمتي التسامح والتعايش المشترك عبر تربية الناشئة من أجل العيش في أجواء السلام ونبذ العنف، والتعايش والتعامل مع الآخر، بالشكل الذي يعزز التربية الوطنية وثقافة حقوق الإنسان والتسامح وسلوك التعايش في المدرسة وفي المجتمع. وهذا البرنامج هو إحدى ثمرات التعاون بين وزارة التربية والتعليم ومكتب التربية الدولي بجنيف التابع لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “اليونسكو”.
أكدت الديانات السماوية المحبة والسلام والتآلف والرحمة بين البشر، ودعت في مبادئها إلى التعايش السلمي، ونبذ كل أنواع الكراهية والتطرف والعنف، وهذا ما يتفق مع رؤية وزارة التربية والتعليم البحرينية بشأن التعليم حيث تنص على “السعي لتحقيق تطوير نوعي لنظام تعليمي يمتاز بالجودة بما يحقق التميز والإتقان والإبداع منبثقاً من ثوابت وقيم الدين الإسلامي الحنيف والتفاعل الإنساني والحضاري والانتماء العربي لمملكة البحرين ودستورها بما يحقق متطلبات التنمية المستدامة المنسجمة مع المستويات العالمية”، المنبثقة من المادة الثانية من قانون التعليم البحريني الصادر بموجب القانون رقم (27) لسنة 2005م، ويتفق مع البند رقم (5) من المادة الثالثة من قانون التعليم التي تنص على “تنمية مفاهيم التربية من أجل السلام، والمستقبل الإنساني الأفضل، والتعاون والتضامن الدوليين على أساس من العدل والمساواة، والتفاعل والاحترام المتبادل بين جميع الدول والشعوب”، وغيرها من المواد التي نص عليها القانون التي تهدف في مجملها إلى ترسيخ لغة الحوار داخل المدارس وأصوله الحضارية والوطنية. وتواصل الحضارات والثقافات كهمزة وصل للتعايش السلمي وقيم التسامح بما يُحقق الاحترام والتآلف بين منتسبي المدرسة.    وتعزيز ثقافة التسامح بين منتسبي المدرسة من خلال الإذاعة المدرسية والمسابقات الثقافية والفنية بين الطلاب.
وفي هذه الدورة التدريبية سيتم تحديد مفهوم التسامح وأهميته في الحياة المدرسية والمجتمعية من خلال مجموعة من الأنشطة الميكانيكية الحركية والتعبيرية والمواقف المختلفة الدالة على نهج التسامح والحُب والود والإخاء لتؤكد حقيقة الاتحاد الإنساني بين البشر. وهذا الأمر يتطلب من الوزارة تهيئة الإدارات المدرسية والمعلمين والمناهج المتجددة والحديثة التي تكون قادرة على إعداد الطلبة لضمان تحقيق بيئة مدرسية متكاملة لتعزيز قيم التسامح والعيش المشترك وقبول الآخر داخل الفضاء المدرسي والمجتمعي. وأخيرًا علينا أن نؤكد أن التسامح ليس تميزًا على الآخرين بل على النفس. نعم.. عندما تحترم الآخرين وتقبل بهم فأنت متفوق على نفسك، وعندما تعترف بالتنوع الثقافي والإنساني فأنت متفوق على نفسك، وعندما يتخذ الإنسان موقفا إيجابيا فيه إقرار بحق الآخرين في التمتع بحقوقهم وممارسة حرياتهم فهو تفوق على النفس.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية