العدد 2301
الأحد 01 فبراير 2015
banner
صنعاء ترفض الأجراء عبدعلي الغسرة
عبدعلي الغسرة
الأحد 01 فبراير 2015

في شهر أكتوبر من العام 2014م امتدح مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية “علي أكبر ولاياتي” جماعة “أنصار الله” الحوثيين في اليمن قائلاً إن بلاده تدعم ما وصفه بنضالهم العادل، واعتبر أن “الانتصارات المتلاحقة للجماعة تدل على أنها جاءت بشكل مدروس ومخطط”، ويأمل أن “تقوم جماعة الحوثيين في اليمن بنفس الدور الذي يقوم به حزب الله في لبنان”. وفي 26 يناير 2015م قال “علي شيرازي” ممثل المرشد الإيراني الأعلى في فيلق القدس التابع للحرس الثوري إن “جماعة الحوثيين “أنصار الله” في اليمن هي نسخة مشابهة من حزب الله في لبنان، وستدخل هذه الجماعة الساحة لمواجهة أعداء الإسلام”، وقال خلال حوار مع موقع “دفاع برس” التابع للقوات المسلحة الإيرانية إن “الجمهورية الإسلامية تدعم بشكل مباشر الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان والقوات المسلحة في سوريا والعراق”. وصرح مستشار المرشد الأعلى والأمين العام للمجمع العالمي للصحوة الإسلامية علي أكبر ولاياتي بأن “إيران تدعم الحوثيين في اليمن وتعتبر هذه الحركة جزءا من الحركات الناجحة للصحوة الإسلامية”.
هذه التصريحات وغيرها تدل على الصلة العقائدية بين جماعة أنصار الله الحوثيين وبين إيران، وكما كان حزب الدعوة العراقي وحزب الله أداة لتنفيذ أهداف إيران في العراق ولبنان سيكون الحوثيون أداتها لتحقيق أهدافها في اليمن وفي منطقة الخليج العربي.
وبعد أن سيطر الحوثيون على العاصمة صنعاء واحتلوا قصر الرئاسة وكل مؤسسات الدولة اليمنية اعتبرت صحيفة “كيهان” التابعة للمرشد الإيراني أن “انتصار جماعة الحوثيين في صنعاء ورفعهم لصور قادة إيران بمثابة انتصار وامتداد طبيعي للثورة الإيرانية ومبادئها”. وهذا الاحتلال لم يكن ليتم لولا التداعيات السياسية التي شهدتها اليمن ولولا التنسيق العملائي مع وحدات عسكرية يمنية نظامية تابعة للرئيس السابق التي يُقدر عددها بسبعة آلاف عنصر، ولا تزال مرتبطة بمركز التوجيه السياسي للرئيس السابق، مما أدى إلى استقالة رئيس الوزراء ومن ثم الرئيس اليمني وعودة الأحوال اليمنية إلى المربع الأول واستحضار كل الأجواء التي كانت سائدة قبل التوقيع على وثيقة الحل الانتقالي، ولو أن الأمر استمر على هذا الوضع المشؤوم ستنجر هذه التداعيات إلى أقطار الخليج العربي.
لقد كشفت الأزمة اليمنية عن حجم الحضور الخارجي الدولي والإقليمي فيها، خصوصا الدور الإيراني الذي بات يتعامل مع اليمن كدولة تابعة للتاج الإيراني وستخدم مصالحه ومشاريعه، بما يعني أن إيران تعطي لنفسها الحق في التماهي بدعمها المادي والعتادي والمعنوي للحوثيين في اليمن باعتقادها بأنها المرجعية المذهبية لكل الشيعة في العالم! والسبب الأهم من توجه النظام الإيراني نحو اليمن هو أن اليمن متحكم جغرافيًا بمدخل البحر الأحمر أولاً، وثانيًا أن اليمن يُمثل الخاصرة الجنوبية للمملكة العربية السعودية التي لا تحمل لها إيران الود، وإذا سارت الأمور كما تريد إيران فإنها ستعزز من وجودها أكثر لحماية مصالحها وتمرير مشاريعها على حساب المنطقة العربية، حيث العراق والوصول إلى شواطئ البحر الأبيض المتوسط وصولاً إلى الجزيرة العربية بكل مكوناتها وبلاد الشام.
أحرار اليمن وعروبته في كل المدن اليمنية خرجوا عن بكرة أبيهم رافضين جماعة الشؤم الحوثية وسيطرتها على مفاصل الدولة العربية اليمنية، يؤازرهم في ذلك الشعب العربي الأصيل في عروبته رفضًا قاطعًا للاحتلال الحوثي الإيراني للأراضي اليمنية، هبة الغضب اليمنية تقول بصوت عربي واحد “هذه صنعاء وليست طهران”، وكان الحُلم الإيراني أن تخرج هذه المظاهرات مؤيدة للفتح الإيراني لكنها كانت ضده وستكون هكذا دائمًا.
لقد قامت الثورة في اليمن في عام 2011م من أجل إقامة دولة يمنية عربية دستورية مدنية، زادها وكساؤها من اليمن والأمة العربية، لا أن تقتات الفتات من موائد اللئام، قامت من أجل أن تنتمي إلى الأمة العربية لا إلى ولاية الفقيه، اليمن تاريخها عربي وجغرافيتها عربية ومَن يقرأ التاريخ العربي جيدًا يعرف مَن هي اليمن وإلى مَن تنتمي. ومن أجل نقاء هذا التاريخ وأصالته فإن صنعاء وشعبها يرفضون الأجراء الذين باعوا أنفسهم للشيطان من أجل شيء لن يحصلوا عليه، بل سيؤول إلى غيرهم، حفظ الله اليمن وكل الأقطار العربية من غدر الغادرين وأطماع الفاسقين.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .