العدد 2294
الأحد 25 يناير 2015
banner
حتى لا يضيع اليمن من العرب عبدعلي الغسرة
عبدعلي الغسرة
الأحد 25 يناير 2015



إلى أين ستنتهي أحداث اليمن؟ وماذا بعد استيلاء الحوثيين على القصر الرئاسي؟ هل سيحكم الحوثيون اليمن كما حكم الإخوان مصر وتونس؟ أم أنه سيضيع عربيًا وإنسانيًا كما ضاعت فلسطين والعراق؟
بقوة السلاح وبتلقي الدعم الإقليمي الخارجي أصبحت الحركة الحوثية في اليمن طرفا في المعادلة السياسية اليمنية، هذه الحركة خرجت من نهجها إلى نهج ولاية الفقيه، وتلقى مؤسسوها الدعم المالي والمعنوي من الحكومة الإيرانية بهدف تأسيس نموذج الحكم الإيراني في اليمن بمساندة حزب الله اللبناني، وصولاً إلى قيام دولة الفقيه في اليمن الشمالي. وبهذا الدعم الإيراني المتواصل تحولت الحركة من حركة دعوية باسم “الشباب المؤمن” إلى حركة مطلبية جمعت بين الاجتماعي والسياسي. وشيئًا فشيًا تتقدم الحركة الحوثية لتحقيق أهدافها وتصعيد مواجهتها مع الحكومة باحتلالها للعديد من المناطق اليمنية وصولاً إلى احتلال قصر الرئاسة ونهب مخازن الأسلحة في دار الرئاسة. أدان العالم من دول ومؤسسات ما تعرض له قصر الرئاسة من احتلال ونهب وأسمته بالانقلاب للإطاحة بالحكم الشرعي في البلاد، وهلهلت له إيران ولمَ لا؟ فالحوثيون مِن غرسها وها هو يثمر، فأجنادها سيعلنون عن مجلس عسكري يدير البلاد.
فهل الحوثيون بهذه القدرة العسكرية؟ أين هو الجيش اليمني؟ لماذا لم يتصد لألوية هذه الحركة منذ البداية؟ ولكن الأمر أكثر من ذلك؛ فالحركة الحوثية تتلقى الدعم والمساندة من العناصر المتنفذة في الجيش اليمني ومن خلفهم الرئيس اليمني السابق الذي وثق علاقته بالحركة على أمل العودة إلى قصر الرئاسة. وها هي الحركة تبدأ بتحقيق حلم الرئيس السابق ويدفع ثمنه التراب اليمني وشعبه، هذا الأمر لو تحقق فسيكون اليمن البوابة التي ستدخل منها إيران إلى أقطار الخليج العربي ومن الباب الواسع، كما دخلت الفتنة الطائفية إلى هذه الأقطار من بوابة العراق.
عاش اليمن بعد أحداث 2011م فراغًا سياسيًا وأمنيًا نتج عنه المزيد من الاضطرابات والقلاقل حاملة رياح تغيير غير ما أرادته أحداث عام 2011م، فبعد سيطرة الحوثيين المتتالية على مقدرات اليمن فمواليهم يبررون سيطرتهم بأنها تصحيح للمسار الانتقالي الذي حصر مراكز القوة في أيدي رموز النظام السابق الذي لم يتغير سوى رئيسه. ويقول آخرون إن الحوثيين يتبنون برنامجًا يهدف إلى السيطرة السياسية على الجزء الشمالي من اليمن وتحديدًا المرتفعات اليزيدية لإعادة إحياء نظام سياسي معين.
إن التحرك الحوثي في اليمن لم يكن في صالح اليمن ولا شعبه، بل هذا التحرك يؤدي خدمة جليلة للنظام الإيراني ومصالحه التي تستهدف التوسع في منطقة الخليج العربي، بجانب أنه أضر بالأمن والاستقرار اليمني، وأضعف اقتصاده المنهار، هذا الانهيار الذي أضعف القدرات المالية للطبقات الفقيرة والمتوسطة. وهذا التحرك أثار شهية أهل الجنوب ورموزه بالمطالبة باستقلاله عن الشمال، وهو هدف آخر تسعى إليه إيران لتحقيقه كما أثلج صدرها تقسيم السودان والعراق.
كيف سيؤسس الحوثيون دولتهم في ظل الواقع السياسي في منطقة الخليج العربي؟ هذا البلد العربي الأصيل الذي يعيش فيه جميع المسلمين في مناخ يسوده الوئام السلمي. على ماذا ستعتمد هذه الدولة في مواردها؟ وكيف ستبني علاقتها مع دول الجوار العربية؟ ولكن هذه الحركة ومن غير إرادتها أو بإرادتها تعمل على توظيف النعرات الطائفية ونشر الفتنة المذهبية بتأجيج الصراع في اليمن وهي إحدى آليات النظام الإيراني لبسط نفوذه في منطقة الخليج العربي.
كانت مبادرة أقطار الخليج العربي تهدف إلى إعادة إحياء اليمن وبناء اقتصاده، ولكن بدلاً من أن يعمل اليمنيون على إرساء المسار الانتقالي بالصورة الصحيحة تفرغوا لخصوماتهم واقتسام غنائم الاتفاق مما أدى إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والأمنية، وهذا ما أفسح المجال للحركة الحوثية بأن تعمل وتتوسع بدون أي منافس ولا مواجه لها. ولم يشفع مؤتمر الحوار الوطني ولا الدستور الجديد في تهيئة المناخ الجديد الذي كان اليمن ينتظره ويحتاجه. وفي ظل سيطرة الحوثيين على اليمن ستهطل المزيد من التداعيات مع مرور الوقت، فهل سيتفرج العرب على ما حدث ويحدث في اليمن؟ اليمن اليوم يحتاج إلى وقفة عربية ضد الحوثيين ومَن يدعمهم، ويأمل من أشقائه العرب تطبيق اتفاقية الدفاع العربي المشترك، حتى لا يضيع اليمن كما ضاعت العراق وفلسطين والأحواز والجزر العربية الثلاث.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .