العدد 2148
الإثنين 01 سبتمبر 2014
banner
لماذا الانتخابات؟ عبدعلي الغسرة
عبدعلي الغسرة
الإثنين 01 سبتمبر 2014

تعتبر الانتخابات في هذا العصر الآلية المُثلى إن لم تكن الوحيدة التي تمكن المواطنين من المشاركة في اتخاذ القرارات السياسية، من خلال اختيار المواطنين لممثليهم سواء في البرلمان أو في المجالس البلدية. وتعرف العملية الانتخابية بأنها “مجموعة من الإجراءات والأعمال القانونية والمادية التي تؤدي إلى اختيار ممثلي الشعب في مؤسسات إصدار القرار السياسي”، وبهذه الصورة والتعريف فإن الانتخاب هو حق سياسي لكل مواطن. وتحتاج العملية الانتخابية إلى عدد من الإجراءات والقواعد لتحقيق هذه العملية، وتحدد تحت مُسمى “قانون الانتخاب” الذي يحدد الناخب والمرشح وشروط الانتخاب والترشيح، وطريقة الاقتراع ووقته واختيار النظام الانتخابي ومجموعة من الإجراءات الأخرى. وتختلف هذه القواعد والإجراءات من دولة إلى أخرى بحسب النظام السياسي للدولة، كما أنها تتغير من زمان إلى آخر بحسب التغيرات في الدولة من سياسية واقتصادية واجتماعية. ومع اختلاف النظم الانتخابية من وقت لآخر فإن العملية الانتخابية هي التي تحوِّل أصوات الناخبين إلى مقاعد للمرشحين الفائزين في مجلس النواب أو المجالس البلدية.
وحتى يكون النظام الانتخابي المتبع عادلاً وحُرًا يجب اتباع الشروط التي وضعها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والمتمثلة في: أن يتمتع جميع المواطنين بحق الترشيح والانتخاب للانتخابات وفق سن معينة وبشروط يتم وضعها. أن تجرى الانتخابات بصورة دورية (أربع أو خمس سنوات). أن تضمن الانتخابات حرية الاختيار بسرية التصويت وفق بطاقات انتخابية موحدة للجميع. أن تراقب الانتخابات هيئة انتخابية مستقلة.
إن التقيد بهذه الشروط يحقق التمثيل الصحيح لمختلف فئات المواطنين في البلاد، ليكون المدخل الحقيقي للديمقراطية.
تحقق الانتخابات الكثير من الفوائد لأفراد المجتمع، فهي وسيلة أفراد المجتمع لاختيار ممثليهم في مؤسسات صناعة القرار الوطني (البرلمان)، أو المجالس البلدية، وتغرس في نفوس المواطنين القدرة على حرية الاختيار الأنسب من المرشحين، وتدعم أعمال الحكومة التي ترعى مصالح المواطنين. إن الانتخابات هي إحدى آليات الممارسة الديمقراطية، وتختلف من دولة إلى أخرى تبعًا للظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية ومدى التقدم الحضاري والثقافي لشعب هذه الدولة أو تلك. ومع اختلافها إلا أنه لا يوجد نظام انتخابي مثالي أو خال من العيوب، فلكل نظام مزاياه وعيوبه، والدولة تختار النظام الانتخابي الملائم لها وفقًا لظروفها وتقاليدها.
والأهم في العملية الانتخابية هو مضمونها، وهذا المضمون يأتي لأهداف متعددة، منها ـ ترقية أداء الدولة، تحقيق العدل والمساواة بين المواطنين، منع احتكار فئة أو حزب للقرارات المؤثرة في عامة المواطنين. إذا يتم تنظيم الانتخابات من أجل تغيير أوضاع أو تطوير سياسات معينة، مما يؤدي إلى إشاعة أجواء من الديمقراطية التي تمنح المجتمع مشاعر الاطمئنان وراحة البال والثقة بالحكومة، والاندفاع نحو التمسك بالحقوق والأمل في المستقبل، والهدف من إجرائها في كل فترة زمنية محددة (أربع أو خمس سنوات) تغيير الوجوه التي فشلت في تمثيل المواطنين وتعثرت في أدائها البرلماني أو البلدي، أو لتجديد الولاية للأشخاص الذين كان أداؤهم جيدًا أو بدخول وجوه جديدة في المجالس البرلمانية والبلدية للعمل على تحقيق مصالح المواطنين وتوفير أسباب العيش الكريم لهم.
يجب أن تكون لدى المواطنين القدرة على الاختيار الصحيح للمرشحين، وأن لا تكون خياراتهم شخصية أو مالية أو خدماتية أو مصلحية، بل يجب أن يكون اختيارهم للمرشحين من أجل قدرتهم على تحقيق التغيير الذي يرنو نحو الإصلاح الشامل لمختلف الأوضاع من سياسية واقتصادية واجتماعية. لذا قبل أن يتوجه المواطنون نحو الانتخاب يجب تثقيف الناخبين، وهي المهمة الأولى للإدارة المشرفة على الانتخابات والجهات المعنية بذلك، فيجب أن يتعرف الناخب على مرشحه جيدًا قبل أن يصوِّت له، ويجب أن يصدِق المرشح فيما يريد أن يعمله بعد أن يتبوأ مقعده الانتخابي ويصبح نائبًا برلمانيًا أو بلديًا. فالانتخابات ليست مجرد مرشحين وناخبين وصناديق للاقتراع، بل إن الانتخابات تعني أكثر من ذلك.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية