العدد 2147
الأحد 31 أغسطس 2014
banner
لمن يكون الانتماء؟ عبدعلي الغسرة
عبدعلي الغسرة
الأحد 31 أغسطس 2014

المواطن البحريني ذو التوجه الوطني القومي العربي.. إلى مَن ينتمي؟ هل ينتمي إلى أرض وتراب مملكة البحرين؟ أم إلى الفكر السياسي والآيديولوجية الفكرية التي يتبناها؟ أيهما.. البحرين أم الفكر السياسي الحزبي؟ الانتماء للبحرين أم المبادئ السياسية؟ أيهما التوجه الحاسم والأصوب؟ أيهما الخيار الذي لا ينافسه أي خيار آخر؟ هل يمكن اختيار الاثنين معًا؟ هل الازدواج خيار صحيح؟ هذه أسئلة وأسئلة أخرى تقتحم الوجدان خصوصا عند المنعطفات وعند حلول الأزمات الوطنية التي مرت وتمر على بلادنا البحرين، والسؤال الذي يتطلب الإجابة الحقيقية هو.. لمن يكون الانتماء؟
ويمكن تعريف الفكر السياسي بأنه “مجموعة من الأفكار والمبادئ والآراء السياسية”، وتكمن أهمية الفكر السياسي أولاً بارتباطه بحاجة المجتمع وتطوره والظروف السياسية التي مرت به، وثانيًا بمدى مساهمة هذا الفكر في إحداث تطور في المجتمع. وأي فكر سياسي تتعارض مبادئه وتوجهاته مع المجتمع يكون غير مجد لهذا المجتمع، أما الأفكار الوطنية والقومية التي تعمل لمصلحة البلاد والأمة العربية هي اللازمة لتحقيق أهداف المجتمع وتطوره بشرط أن لا يمارس هذا الفكر الوطني أو القومي عملاً مزدوجًا وفق توليفة متناقضة مع أهداف وتوجهات المجتمع، مع عدم تقديم مصلحة هذا الفكر على مصلحة البلاد، أي الانتماء الأول يجب أن يكون للبلاد لا إلى الفكر والحزب الوطني أو القومي.
هناك مَن يقول ويدعي بأن الفكر الديني يأتي قبل البلد، فانتماء الإنسان يكون لدينه أولاً ثم لبلاده، ونرد على ذلك بالقول إن الدين هو عقيدة الإنسان وانتماؤه لبلاده، فالعقيدة شيء والهوية شيء آخر، فالعقيدة الدينية تتميز بمبادئ قويمة من القيم والتسامح والعيش مع الآخر والسلام. وهناك عدد من الأفراد الذين لا يفرقون بين أحكام عقيدتهم الدينية ومصالح بلادهم، فيقدمون الأولى على الأخرى فيقعون في الفعل الطائفي، وما نشاهده من أفعال هؤلاء اليوم في الكثير من الأقطار العربية والإسلامية دليل على ما نقول. ولنسأل أين يكون موقع الانتماء الوطني في قلب هؤلاء الذين يمارسون اختلاطات مختلفة من الخيارات الانتمائية؟
نحن نؤمن أنه لا يتفوق الانتماء الوطني على الجانب الديني - المذهبي في كل الأحوال، ومهما كان الصراع والاختلاف فالانتماء الوطني للبلاد هو الأول دائمًا، علمًا أن جميع الدول الإسلامية تنتهج السياسة الإسلامية، إسلامية الدين الإسلامي الصحيح والعام، ليس إسلامية الطوائف والمذاهب وهو الإسلام الذي لا يفهمه الذين يعتقدون بأنهم أوصياء على الإسلام وأتباعه وهم في الحقيقة عبء على الدين ومبادئه وأهله؛ وهؤلاء قابعون في أعماق جهلهم يرفضون كما يطرحون ويخطبون ويصرخون كل شيء لا يفهمونه في الدين وفي العلاقات المجتمعية المدنية، لتؤكد لنا في النهاية أن التزامهم الديني ليس أكثر من طلاء تقشره الامتحانات البسيطة كاشفة أشياء أخرى قابعة في ذلك القمقم المذهبي.
إن الانتماء للبحرين لا يقع ضمن الخانة السنية أو الشيعية، فالانتماء الوطني لا يتوافق مع هذه المفاهيم، ولو حدث ذلك سيكون الانتماء حالة من الحالات المذهبية المرفوضة وطنيًا وقوميًا، وأحداث عام 2011م وما تلاها من السنوات كانت امتحانا حقيقيا لكل المواطنين سواء من ذوي الاتجاهات السياسية الوطنية أو القومية أو الدينية أو المواطنين الآخرين الذين لا انتماء سياسي لهم، وكان لذوي الاتجاهات السياسية والمواطنين الآخرين خيار واحد بين خيارين، إما الانتماء للبحرين أو التمسك بأجنداتهم السياسية، وهو امتحان صعب، وكل فئة اختارت ما تريد، وكان اختيار الانتماء للبحرين هو الأصوب، خيار لا يمكن المساومة عليه، أما المعتقدات الخاصة من سياسية ومذهبية فهي يباشرها الأفراد بكل حرية إلا أنها لا تكون شريكة أو بديلة عن المواطنة والانتماء لبلادهم. وحينما يكون الانتماء للبحرين هو الأول تبقى كل الجوانب الأخرى حالات جزئية.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .