العدد 2673
الإثنين 08 فبراير 2016
banner
“التينكر مان”.. قد يبتسم له الزمان! علي العيناتي
علي العيناتي
نبض العالم
الإثنين 08 فبراير 2016

نقص الحظ وسوء الطالع وقفا حجر عثرة من أن يكون واحدًا من أعظم المدربين الذين عرفتهم كرة القدم في العقدين الأخيرين على الأقل.. خاض العديد من التجارب والمغامرات الكثيرة مع الكثير من الفرق في مختلف الدوريات القوية والبارزة لكن لم يتمكن من صناعة المجد لنفسه ولا للأندية التي دربها؛ لأنه كان يسقط في الأمتار الأخيرة بعد أن يفرض بصمَته بوضوح ويقود الفرق بكل اقتدار، بيد أن لا أحد يدرك حتى هذه اللحظة السر في سلسة الإخفاقات التي عانى منها الرجل الملقب بـ"التينكر مان"..
كان قريباً من قيادة تشيلسي للفوز بالدوري والشامبينزليغ ولكنه أخفق.. كان على بُعد جولتين فقط من الفوز بلقب الكالتشيو مع روما وأخفق أيضًا.. ولم يكن حاله أفضل مع يوفنتوس ونابولي وفيورنتينا.. تضاربت الآراء حوله.. البعض يرى أن هذا المدرب بينه وبين الحظ عداء طويل وقد لا ينتهي.. البعض الآخر بات مقتنعاً تماماً بأن هذا المدرب فاشل ولا يصلح لتدريب الفرق القوية؛ لأنه لا يستطيع الفوز بالألقاب! الحديث هنا عن الرجل "المنحوس" المدرب الإيطالي كلاوديو رانييري الذي يقود ليستر سيتي الإنجليزي هذا الموسم لصدارة البريميرليغ والاقتراب من تحقيق المعجزة!
أتعلمون يا سادة أن ليستر سيتي الذي كان العام الماضي في نفس الفترة من هذا الموسم في المركز الأخير تحديداً وكان يعاني الأمرين ليفلت بجلده من وحل الوقوع في براثن الدرجة الثانية، لكنه بالكاد نجح في البقاء في البريميرليغ وتجنب الهبوط الذي كان شبه حتمي آنذاك.
ومن سيعرف وضع هذا الفريق في الموسم الماضي لن يتوقع له بتاتاً أن يكون وضعه أفضل من ذلك بكثير هذا الموسم، وأنه سيظل يقارع على الهبوط، وبأحسن الأحوال ربما يحتل أحد المراكز التي تعلو مناطق الخطر بقليل؛ نظراً لضعف إمكانات الفريق المادية والبشرية وصعوبة مجاراتها ببقية الأندية في البريميرليغ لاسيما الكبيرة منها.
لكن المدرب الإيطالي كلاوديو رانيري خيّب كل التوقعات وجعل الجميع يصاب بالذهول والحيرة، فها هو ينجح حتى الآن في قيادة الثعالب لصدارة البريمرليغ قبل جولات قليلة من النهاية متفوقاً على أرسنال وقطبي مدينة مانشستر وتشيلسي وتوتنهام، كبار الأندية الإنجليزية..
فلم يتوقع أكبر المتفائلين أن يتمكن فريق لا تقدر قيمة أغلى لاعبيه قيمة لاعب احتياطي مغمور في أحد الأندية الكبيرة المذكورة سلفاً، من المضي قدماً نحو صدارة الدوري الإنجليزي القوي جداً والذي تصعب فيه المنافسة، ويحافظ عليها بعد انقضاء أكثر من نصف الموسم، وينجح في إسقاط الفرق الكبيرة الواحد تلو الآخر ضارباً كل التنبؤات وحقيقة الواقع عرض الحائط، بل ووضع جميع الخبراء والمحللين في موقف محرج بعد أن كانوا يعتقدون أن مغامرة ليستر هذا الموسم ستنتهي سريعاً مع بدء مرحلة الإياب تحديداً وسيتراجع مستوى الفريق كثيراً وقد يفقد أحد المراكز المؤهلة لدوري الأبطال رغم كونه متصدراً للدوري، فهم كانوا مؤمنين بأن لا العقل ولا المنطق يقبل بأن يتربع الثعالب على عرش البريميرليغ حتى النهاية!
 ما أردت قوله مما مضى أن كلاوديو رانييري حتى وإن أخفق مرة أخرى مع ليستر هذا الموسم كما أخفق مع بقية الفرق التي دربها، إلا أنه أعطى دروساً كثيرة لكل الفرق الباحثة عن كتابة التاريخ وصناعة المجد، بأن كرة القدم لا تُدار بالأموال فقط بل إنها تتطلب أموراً أخرى تسبق في أهميتها قيمة توافر الأموال.. العمل والإتقان والفكر والنظرة الثاقبة والقليل من الأموال..
هذه العناصر التي توافرت لرانيري لكي يُظهر فريقا بهذه القوة يقوده لاعبان أبهرا العالم بفنهما بعدما كانا مغمورَين لا يعرفهما أحد.. محرز وفاردي اللذان أصبحا مطلوبَين من أكبر أندية العالم واللذين اشتراهما ليستر سوياً يقيمة لا تتجاوز مليوني يورو فقط.. أي أنه لا يجب أن تدفع الملايين لتصنع فريقاً قوياً!
 وفي سياق متصل، تبدو حظوظ ليستر سيتي قائمة وبشكل كبير للتتويج بلقب الدوري الإنجليزي وتحقيق المعجزة كما حققها بلاكبيرن روفرز في منتصف التسعينات عندما فاجأ الجميع وخطف لقب الدوري من فم الكبار، فالفوز الكبير على صاحب المركز الثاني مانشستر سيتي أمس الأول منح الثعالب الأفضلية في توسيع فارق النقاط عن أقرب المنافسين، وستكون أمام ليستر عقبة صعبة أخرى أمام الأرسنال في الجولة القادمة، فإن تمكن فيها من الخروج فائزاً فحينها سيكون قريباً جداً من اللقب، خصوصاً أن بقية المباريات المتبقية لكتيبة رانييري ستكون أقل قوةً ومن الممكن أن يحقق فيها الفوز وجني جميع النقاط المتاحة إذا ما اسثنينا لقاءي مانشستر يونايتد وتشيلسي في آخر ثلاث جولات من عمر الدوري، أي أن ليستر إذا ما واصل تحقيق الانتصارات في المباريات المتبقية سيصل للقائي مانشستر وتشيلسي وهو في وضع مريح وقد لا يحتاج لنقاطهما أصلاً! مع الوضع في الاعتبار أن البريميرليغ لا يعترف بالمعطيات وقد تنقلب الأمور رأساً على عقب قبل الختام، وهذا ما يميزه عن بقية الدوريات الكبيرة الأخرى، لذلك لا يستطيع أحد أن يراهن على فوز ليستر سيتي بالدوري أو منح الأحقية لفريق آخر في الوقت الحالي، فقياساً بالمعطيات الحالية، ليستر يبدو الأوفر حظاً للفوز باللقب ولكن قد تأتي فرق من بعيد مثل مانشستر سيتي أو الأرسنال وحتى توتنهام وتخطف اللقب في نهاية المطاف!! لا أحد يعلم إلى ماذا ستؤول النهاية، فالبريميرليغ هذا الموسم يكاد يكون الأقوى في الخمس سنوات الأخيرة لصعوبة توقع الفائز باللقب هذا الموسم بالذات!
 وختاماً، أتمنى أن يبتسم الحظ هذه المرة للمدرب كلاوديو رانيري.. "التانكر مان" يستحق أن يشعر بنشوة الفرح ولو لمرة واحدة في حياته!

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .