العدد 2335
السبت 07 مارس 2015
banner
النووي الإيراني: تجميد أم تفكيك! عزيز الحاج
عزيز الحاج
السبت 07 مارس 2015

في مقالات كثيرة سابقة، توقفنا عند هوس أوباما بالتوصل لاتفاق نووي مع إيران مهما كان الثمن، باعتباره سيكون تاج ولايته والمعجزة التي عجز الآخرون عن صنعها. واتبع في استراتيجيته الإيرانية سلسلة مواقف وتكتيكات مبنية على تجاهل مثير لحقائق ووقائع معروفة للجميع، في مقدمتها:
1 - الفصل المتعسف بين النشاطات النووية الإيرانية وبين ممارسات ايران في المنطقة والعالم، خصوصا تدخلها في شؤون الآخرين والتخريب ونشرها للطائفية، كما فعلت، وتفعل، في لبنان والعراق واليمن وإفريقيا، فضلا عن ممارسات ارهابية من خلال حزب الله والمليشيات العراقية، والتي وصلت بلغاريا والأرجنتين، ولا يجهل أوباما ومستشارته ومستشاروه كيف ان النظامين السوري والإيراني تعاونا مع قاعدة بن لادن لعرقلة تقدم العراق بعد سقوط صدام ولمشاغلة القوات الأميركية في العراق، وذلك لأكثر من عشر سنوات. وحين يفضل قاسم سليماني اخذ صورة في سامراء، فإن الادارة الأميركية تعرف دون شك دور ايران في تفجيرات سامراء عام 2006 وهو ما كشفه الجنرال كيسي قائد القوات الأميركية في العراق حتى 2006، وأكد انه قدم للمالكي كل الأدلة على ذلك، غير انه لم يكترث، ونعرف كيف اشتعلت الحرب الطائفية وضحاياها على ايدي الميليشيات والقاعدة، ومنذ ايام نشرت معلومات مثيرة عن تواجد قيادات من قاعدة الظواهري في ايران، ولاسيما في مدن طهران ومشهد وزاهدان بإشراف حزب الله اللبناني “ومنهم الزعيم السابق لكتائب عزام السعودي صالح العرقاوي”، ووضع خطط لضرب اهداف اميركية في دول عربية، ولا تعارض بين هذا التعاون وبين المشاركة في الحرب على داعش في العراق. فالتنظيمان متخاصمان وإيران تلعب كالعادة على اكثر من جبهة وبكل الأوراق، وهي تستغل وجودها العسكري في العراق لتشديد الهيمنة على العراق وتحويل القوات العراقية الى ما يشبه حراس الثورة، ان خطر داعش المتفاقم لا ينبغي ان يصرف النظر عن الخطر الإيراني، لاسيما أن إيران دولة اقليمية كبيرة ولها قدرات هائلة وحلفاء اقوياء كروسيا والصين، وأدوات كثيرة على نطاق المنطقة والعالم.
2 - تجاهل طبيعة النظام الإيراني الشمولي الدموي والطائفي التوسعي. ففي 2009 لم ينطق لأوباما بكلمة تضامن مع انتفاضة الشعب الإيراني. وهو اليوم يقف الموقف نفسه من حملات الاعدام الجماعية في ايران ولاسيما في عهد روحاني، والتي شملت النساء والقاصرين.
3 - تدوير القضية النووية من قضية دولية الى خلاف ثنائي أميركي وإيراني، فإذا اتفق الطرفان فالبقية تتبع، خصوصا أن روسيا والصين متضامنتان مع إيران، كما وافق على سلسلة تنازلات في الموضوع النووي، ومن ذاك التخلي عن القرار الدولي بوجوب تسليم ايران جميع ما لديها من يورانيوم مخصب للوكالة الدولية، وغلق المنشآت ذات الهدف العسكري الصارخ لكونها تنتج البلوتونيوم المطلوب في صنع القنبلة النووية، أما اليوم، فأوباما يطرح صفقة تجميد النشاطات النووية لمدة عشر سنوات للتوقيع على اتفاق نهائي ورفع العقوبات - أي ايران تحتفظ بكل قدراتها النووية التي تمكنها من صنع القنابل النووية، وكانت ايران قادرة حتى عام 2007 على صنع قنبلتين كما صرح البرادعي في حينه. هذا قبل سنوات، وقبل تراكم الخبرات والقدرات والمنشآت، أجل، أوباما مصر على الاتفاق النهائي مهما كان، صيغة أوباما لن تعيق ايران عن تصنيع القنبلة، التي لا تستهدف اسرائيل، بقدر ما تستهدف الدول العربية لابتزازها وفرض هيمنتها الكاملة على المنطقة، وتحقيق حلم العظمة.
إن صفقة التجميد بدل التفكيك مغامرة كبرى مليئة بالألغام والمخاطر، ولكن الرئيس الأميركي ماض في هذا السبيل.
إيران أعلنت رفض الصيغة، ولكن التوصل لتسوية وسطية محتمل. أوباما توعد الكونغرس باستخدام حق النقض لو عارضت الاتفاق أو فرض عقوبات جديدة، انه يتصرف كأي حاكم فردي في قضية كبرى تخص الأمن العالمي وأمن اميركا نفسها. إيلاف.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية