العدد 2871
الأربعاء 24 أغسطس 2016
banner
من يعلق الجرس؟! فاتن حمزة
فاتن حمزة
رؤية مغايرة
الأربعاء 24 أغسطس 2016

كانت تعيش في أحد الأماكن المهجورة بأمان مجموعة فئران، اكتشف مكانها هرّ أتعبه التسكع فلجأ يبحث عن الراحة ليجدها مقرونة بالأكل، فأخذ يتصيدها فأرا تلو الآخر، ضاقت الفئران بهذا الوضع فاجتمعت للنظر في أنجع السبل للخلاص من هذه المصيبة التي سوف تقضي على “بني الفئران”. عقد الاجتماع وأخذ الأعضاء يتداولون، وكل يأتي برأي، وكثر الجدل والصياح وتعالت الأصوات! ولكن آراءهم لم توصلهم إلى رأي سديد يعبر بهم إلى برّ الأمان، فجأة وقف أحدهم ورفع يده قائلا: لدي فكرة لو نفذناها لأمنّا شرّ هذا المتطفّل الأكول. أجاب الأعضاء: وما هي؟ ردّ: سنعلّق في رقبة الهرّ جرسا حتى إذا ما أقبل من بعيد نسمع صوت جلجلته فنسارع في الاختباء. صفّق الجميع وتداولوه تقبيلا وعناقا، ولكنهم جمدوا في أماكنهم حين سألهم سؤالا أضاع البهجة من نفوسهم.. قال: من يعلّق الجرس؟! سؤال احتاروا فيه جميعاً، لأن من سيعلق الجرس قد يصل إلى فم القط قبل أن يصل إلى رقبته!
نستخلص من القصة أن هناك مهمات الحل فيها سهل لكن لا أحد يجرؤ على القيام به، وهنا مربط الفرس، كالمواجهة الحقيقية للتجاوزات المالية والإدارية في بعض الوزارت والشركات، أصبح حالنا لا يتجاوز سوى الكلمات، وعندما يأتي دور الفعل ينفض الجميع دون السعي الجاد لإزالة الباطل، ونكون أشبه بقول الشاعر المتنبي: وإذا ما خلا الجبان بأرض... طلب الطعن وحده والنزالا.  قريباً يصدر تقرير ديوان الرقابة وسندرك مجدداً أن لا حياة لمن تنادي، تجاوزات موجعة تتراكم سنة تلو الأخرى، تقارير بلا محاسبات تسترد ثروات الوطن وتعيدها للمكان الصحيح، مازلنا نماطل بعمل لجان تحقيق يطول عملها وينتهي دون أية مستجدات تذكر، لندور معاً في حلقة مفرغة! الرقابة خطوة إصلاحية حكيمة من جلالة الملك حفظه الله تستكمل مشروعه الإصلاحي، بمساندة سمو رئيس الوزراء الموقر الذي وجه مراراً وتكراراً كل الوزارات والجهات المعنية إلى التعاون في مراقبة المال العام وسبل صرفه حفاظاً عليه من الهدر غير المبرر.
أما إن استمر بعض المسؤولين في استهتارهم وتقصيرهم واستغلال مناصبهم فحتماً سينحرف سيرنا وستذهب جهودنا سداً ولن نحقق ما نصبوا إليه من تقدم وازدهار، مبددين وقت العمل والبناء في مهاترات تقودنا نحو مجهول لا يحقق للمواطن متطلباته ولا يحقق للوطن مكانة تنافسية نفخر بها.
نحن بحاجة لتكاتف شعبي وتعاون حقيقي بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وإدانة المخالفين لننعم بالخير والعطاء، وندرك حينها متى وكيف سنعلق الجرس.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .