أمامنا اليوم تحديات كبيرة بسبب الظروف السياسية والاقتصادية المتدهورة التي تطرأ على البحرين والمنطقة تاركة آثارها وعواقبها.
حاولت الأزمات ومرارتها تقسيم مجتمعنا طائفياً واجتماعياً وتغيير بعض المفاهيم والقيم، وخلق تكتلات متمردة حاقدة تسعى لنشر معتقداتها وفرض مفاهيمها المتهورة البعيدة عن معاني الوطنية والولاء، موجهة أصابع الاتهام لجهات متغاضية عن المسببات التي تسهم في صناعة العقبات. ظروف ساهمت في ولادة فئات هدفها تفكيك وتشويش وتضليل مجتمعنا تحقيقاً لمآربها ومصالحها، لندور معها في دوامة من الصراعات الداخلية في وقت نحن في أشد الحاجة فيه للترابط والتلاحم وتوحيد الصف.
نحن بحاجة اليوم لتكثيف الجهود المثبتة لمقومات المواطنة والانتماء خصوصاً عند الأطفال والتأثير عليهم بأساليب مدروسة تسهم في ضبطها وتقويمها وتنميتها.
المواطنة الإيجابية الفاعلة يمكن توجيهها وصقلها بالبوادر والإنجازات الملموسة والتغييرات، وتصحيح ما ضللته الظروف، وإصلاح ما انتزعته بعض الأسر بتنشئة أبنائها على ضرب القيم ومحو أهم أسس ومبادئ التعايش المتمثلة في حب الوطن والإصلاح فيه.
لغرس المواطنة وإصلاح مفاهيمها يجب استخدام وسائل مبنية على وعي وتنفيذها بأساليب تربوية مقصودة تشرف عليها الدولة، وتوحيد الأهداف في كل الوزارات والمؤسسات لتحقيق شراكة مسؤولة تبطل المغالطات وتنمي أجمل المفاهيم الوطنية.
بإمكان الدولة بلورة المفاهيم المجردة من خلال المقررات الدراسية وتعريف الطلاب كيفية التعبير عن حب الوطن وكيفية ممارسة حقوقهم والالتزام بمسؤولياتهم، وترجمتها إلى ممارسات فعلية تعزز الانتماء الوطني الذي تلتقي فيه كل التوجهات والآراء، بغض النظر عن أية أبعاد طائفية أو عشائرية، بحيث تكون قادرة على التفاعل بمصداقية وموضوعية توائم مقتضيات العصر.
بالعزم والإرادة ستتمكن الدولة من تحقيق التوازن وتعميق التعايش ونشر ثقافة السلام، والالتزام بالتسامح والاحترام بين أفراد المجتمع والجماعات رغم الاختلافات المذهبية والعرقية والثقافية.
حب الوطن الصادق لا يرتبط بقيود ولا مصالح ذاتية، بل هو فخر وانتماء وثقة وأمانة ومسؤولية، هو حس فطري وشعور لا إرادي بالواجب تجاه المجتمع، وأية زعزعة للفكر وإخلال بالمفاهيم وتقاذف في الأدوار واستهتار بالمسؤوليات والواجبات هو إضرار للوطن وعدم اكتمال نصاب النجاح، فالثغرات تبدد القدرات الملائمة لمواجهة الظروف والمتغيرات وإدارة الأزمات.