العدد 2458
الأربعاء 08 يوليو 2015
banner
الصلاة الموحدة وبيضة الديك! فاتن حمزة
فاتن حمزة
رؤيا مغايرة
الأربعاء 08 يوليو 2015


في الجمعة الماضية دعت المؤسسة البحرينية للمصالحة والحوار المدني للمشاركة في مبادرة “بحرين التسامح”، وهي صلاة موحدة تجمع الطائفتين الكريمتين بجامع عالي الكبير، مشيرة إلى أن صلاة الجمعة التي ستلي صلاة الجمعة في جامع عالي ستكون في أحد مساجد الطائفة السنية.
جهود يشكرون عليها، فمن أسباب قوة المجتمع الإسلامي وازدهاره أن يكون متعايشاً متسامحاً للعربي وغير العربي، والغني والفقير، والمسلم وغير المسلم، مجتمع يمتلك نضوجا تعايشيا فكريا ووعيا بالهوية الوطنية، مجتمع يدرك ان التكافل الحقيقي والأخوة والانتماء الوطني لا تتمثل في صلاة موحدة وقتية “كبيضة ديك” كما قيل إنها تظهر مرة وقد لا تظهر أبداً، لتكن مبادرة قصيرة المدى تلم الشمل لدقائق معدودة لتعود الأمور متأزمة كسائر عهدها، ستبقى “الوحدة” تعرف بحقائقها ومعانيها لا بأسمائها وصورها مهما سعينا لتجميلها!
للعيش المشترك مبادئ وأصول ولتحقيقها يجب أن تقام العلاقة بين جميع أفراد المجتمع على أساس العدل والمساواة والإحسان والرحمة والتقدير المتبادل، واحترام الدستور وتطبيق القانون بحذافيره على جميع أفراد المجتمع، لنتمكن من وأد الانقسامات والفتنة الطائفية، هذه المبادئ تتطلب تكاتفا وتعاونا وتصالحا صادقا قولاً وفعلا،ً وهذا ما عرفت به البحرين منذ سنين، أما العنف فسيولد العنف والانتقام، وانتهاك الحقوق سيولد شعورا بالمظلومية لندخل في دوامة من صراعات لا تنتهي.
أحداث 2011 أفقدتنا مظاهر التآلف وحسن النوايا والثقة بالآخر، وشوقنا لها ولعودة المياه لمجاريها، جعلنا نسعى لمبادرات مشتركة نحن من نصنعها، ونقبل بشكليات وقتية كصلاة موحدة نقنع بها أنفسنا أننا متحدون متحابون!
صلاة جمعت طائفتين في نفس الزمان والمكان، صور أخوية موحدة في غاية الجمال، ولكن يبقى السؤال الذي يتوارد الى الأذهان، هل استطاعت فعلاً توحيد الصف وانتزاع الخلاف الطائفي من الجذور؟! هل استطاعت معالجة الانحرافات الفكرية المستوردة الطامعة؟!
نحن بحاجة لتعزيز الوحدة الوطنية وتغيير جذري لمفاهيم تأصلت في النفوس، وخطط استراتيجية شاملة ومستدامة تعزز الهوية المشتركة والتلاحم، نحن بحاجة لضمانات من مفتعلي الفتنة الذين صمتوا على اعمال التحريض والشحن الطائفي طوال السنوات الماضية كي نخطو خطوة نحو التصالح، فالصلاة المشتركة الوقتية دون ضمانات وتغييرات جذرية لن تقدم ولن تؤخر وقد تخدم المتملقين والمخادعين، فهناك من يتربص لاستغلال مثل هذه الفرص ليجهر بأخوته ويَطعن من الخلف فمنهم فئات مسيرة لا تزال تقودها أوامر خارجية!
أوضاع المنطقة في غاية الخطورة والحساسية، بسبب ما تتعرض له من تهديدات خارجية وخطط تستهدف وجودها، ومازال بيننا متطرفون يضمرون العداوة ويكيدون لنا، حاملين ضغينة وتعصبا مقيتا يدس السم في كل من يخالفهم في المنهج والفكر والعقيدة، يجب الحذر فمهما سعينا للوحدة سنجد من يقف لنا بالمرصاد من الداخل والخارج لنشر الفرقة والفتنة بيننا، والفروق شاسعة بين دولة الإسلام وبين دولة الإجرام!
التوحد الحقيقي هو توحد لنبذ العنف والإرهاب، توحد يضمد الجراح ويوقف الفساد ويحارب الأفكار الممزقة المهددة لأمن المجتمع، توحد يرفض التحريض على التناحر والقتال وتشييع روح العدوانية والتباغض، توحد من أجل تحقيق عدالة اجتماعية يوقف الظلم والفساد لنصل إلى بر الأمان ونحقق الاستقرار.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية