العدد 2394
الثلاثاء 05 مايو 2015
banner
شكراً سعود الفيصل... “كفيت ووفيت” فاتن حمزة
فاتن حمزة
رؤيا مغايرة
الثلاثاء 05 مايو 2015

قبل أيام أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود قرارا بإعفاء الأمير سعود الفيصل من منصبه وزيراً للخارجية لظروفه الصحية وتعيينه وزير دولة وعضواً في مجلس الوزراء..
كم سيفتقد العالم إنساناً عظيماً بأثره، تاركاً خلفه فراغاً كبيراً لما تميز به من خصال قل وجودها في هذا الزمان، شخصية قد لا يكررها التاريخ.
الأمير سعود الفيصل وزير خارجية المملكة العربية السعودية منذ عام 1975، قضاها بحنكة مكنته من إبراز قدراته، حتى تم تصنيفه كأذكى شخصية مؤثرة ذات مكانة في كتاب بل كلينتون، صدق وشفافية وتواضع رغم مكانته وثرائه، فقد كان يتناول طعام غدائه مع حراسه الشخصيين.
دبلوماسية فرضها بذكاء لتحقيق مبتغاه بشهادة الكونغرس الأميركي الذي قال فيه كلمة حق عندما امتدح حنكته ودهاءه، إمكانيات وقدرات سياسية وفكرية وثقافية فائقة، شخصية لا يستهان بها، بكلمات معدودة واثقة يغير أصعب القرارات، صانعاً للمملكة العربية السعودية قوة خارجية يحسب لها ألف حساب.
سُئل صدام حسين القائد العراقي (رحمه الله) من الرجل الذي تخشاه.. ابتسم وقال: “لا أخشى إلا الله، ولكن هناك شخص أخشاه بصراحة وهو سعود الفيصل أدهى من قابلت في حياتي فحينما دخلت الكويت قلب العالم ضدي وكل ذلك يكون في مؤتمر صحافي واحد”، كما قال: “لو عندي مثل سعود الفيصل لسيطرت على العالم أجمع”.
استطاع بثباته وصلابته وهيبته وعزة نفسه أن يعز العرب أمام الغرب ويحفظ كرامتهم ويرفع مقدارهم، مبرهناً أن بهم من هو قادر على أن يهز عروشهم يحرجهم ويكشف ألاعيبهم.
الأمير سعود الفيصل مثال للجد والكفاح والعزيمة، “40 عاما”ً من العمل الدؤوب بلا كلل، فرغم مرضه لم يتوقف أو يتأخر عن عطائه ويتوانى عن واجباته كما لم نره يقضي فترات نقاهة أو استجمام، كان متابعاً بكل حرص وأمانة لما يدور في الساحة دون خجل من حالته المرضية.
انتهت مسيرة الأمير إلا أنه كان وسيكون مدرسة للعالم بتعلم أدق تفاصيلها ودبلوماسيتها، ودراسة أساليب مصارحاته وخطاباته ومحادثاته.
رغم كل عطاءاته المشرفة إلا أنه غادر وفي قلبه حزن وأسف أنه لم يتمكن رغم مسيرته الطويلة أن ينهي المشكلة الفلسطينية، التي كرس والده حياته لحلها.
عندما أقول شكرا سعود الفيصل أخص بالذكر أيضاً كلماته ووقفاته ومواقفه المشرفة مع البحرين عندما تعرضت لمؤامرة اختطاف دنيئة، لقد كان حازماً حاسماً بقراراته مبيناً للحقائق وكاشفاً لها.
أقول للحاقدين لا تسعدوا برحيله فهو باق منعكساً هو وصداه ليكون شوكة في نحوركم، كما أننا على ثقة باختيار خادم الحرمين الملك سلمان حفظه الله بتعيينه السفير السعودي لدى واشنطن سابقاً “عادل الجبير” وزيراً للخارجية الذي تتلمذ على يد سعود الفيصل وفقه الله وأعانه ليكون خير خلف لخير سلف.
حفظك الله وشافاك يا سعود وراعاك أينما كنت، تمنياتنا القلبية لك بدوام الصحة والنجاح لمواصلة خدمة الوطن تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية