العدد 2355
الجمعة 27 مارس 2015
banner
يا حكومة.. يا نواب.. “حدث العاقل بما يعقل” فاتن حمزة
فاتن حمزة
رؤيا مغايرة
الجمعة 27 مارس 2015


تتقاذف التصاريح بين السلطات التنفيذية والتشريعية وتتضارب بعد أن أجمع غالبية النواب بالموافقة على توصية اللجنة المالية بعدم قبول اقتراض الحكومة في الموازنات المقبلة برفضها مرسوم رفع الدين العام من 5 مليارات إلى 7 مليارات دينار، رغم التبريرات الملحة التي تفضل بها وزير المالية وتأكيده أن الاقتراض مسألة حتمية وضرورية لتلبية متطلبات الميزانية العامة لتوفير مساحة كافية للحكومة لتغطية الزيادة في عجز الميزانية ومواجهة أية احتياجات تمويلية طارئة، رغم التقديرات التي تشير باستمرار الى انخفاض وتذبذب أسعار النفط!
قرار يراه الكبار والمقتدرون مسألة سيتم حلها في القريب العاجل، بينما يراها المواطن البسيط والفقير كارثة.
وردتني رسائل من مواطنين يطالبون بتوضيح يؤكد أو ينفي خبر وقف العلاوة من جهة رسمية للأسف لم أجد!
رسائل تشكو الحال والضيق المادي، مجرد شكوك بتوقيف العلاوة استطاعت تعطيل خطط وتعليق مشاريع وهدم أحلام المواطن، منهم من أعاد النظر في قرار زواجه، وآخر سيعطل استكمال بناء بيته، وآخر قد يتوقف عن الدراسة لعجزه عن سداد المصاريف، والكثير الكثير من القصص المؤلمة التي تدمع العين وتقطع القلب، مواطنون يقعون ضحية لقرارات متسرعة، بعد أن وقف أصحاب القرار عقبة في طريقهم وطريق أحلامهم وأمانيهم البسيطة التي تعتبر حقا من حقوقهم.
أين المسؤولون والمعنيون وأين ضمائرهم؟! يسمعون صرخات وألم وحرقة شعب تاه وسط تصاريح مصيرية متضاربة تهدد زوال فتات يعين على لقمة عيش، يصمتون ويتركون المواطن يبيت وهو قلق على مستقبله ومستقبل أبنائه!
ترى ما الهدف من وراء صمت الجهات الرسمية أو تأخر ردود يخرسون بها ألسنا متناقضة، تضع النقط على الحروف أمام شائعات مؤلمة وبلبلة مزعجة أثارت الشارع؟!
ما الهدف من تضارب التصاريح من الأجهزة الحكومية والنواب وابتزاز المواطن وتشويشه باحتمالات وظنون مستفزة؟
ومن المستفيد الأول من الفوضى، وهل تعمدت جهات إثارتها وإشغال الرأي العام بها عن هموم وقضايا أخرى؟!
شعب بح صوته في المطالبة بزيادة رواتب أصبحت لا تدوم بجيبه لاستكمال ما تبقى من الشهر، فيفاجأ باحتمالية صدور قرارات توقيف العلاوات لتزيد عليه البؤس والضيق.
ترى هل سيتوقف دعم الدولة عن السباقات والحفلات والمهرجانات الترفيهية المكلفة؟! وهل ستتوقف عن بعض فعاليات بعض الوزارات التي تقام بمبالغ خيالية ودعوات لأجانب؟
ترى أين الخلل؟! وما هي الخطط التي وضعتها الدولة لتطمئن بها المواطن؟!
أهم مخاوف النواب والمواطنين ورفضهم رفع الدين العام هو عدم الثقة التي راكمتها السنين في كيفية إدارة جهات في الدولة للأموال وافتقارها لترتيب الأولويات، كيف تقوم بالاقتراض ولا يزال في الوزارات والمؤسسات فاسدون لم تتم مساءلتهم ومحاسبتهم!
وكما قال “لي كوان يو” مؤسس سنغافورة الحديثة في أحد مقولاته الشهيرة: “تنظيف الفساد مثل تنظيف الدرج يبدأ من الأعلى إلى الأسفل”.
للأسف غاب عن المعنيين حجم التأثيرات والانعكاسات السلبية التي ستتوارد إثر الضغوطات الإضافية التي ستقصف المواطن وتزيد أعباءه وستكون لها تداعيات مباشرة وآثار بالغة في المجتمع نفسياً وصحياً واجتماعياً وسياسياًً!
لن ينصلح الحال ‏طالما لا نعترف بالخطأ فلا تزال جهات في الحكومة تشكك في صحة هدر 400 مليون، وضياع 60 مليونا، ولا نرى تحركات جادة لمن ينهش في المال العام دون حسيب أو رقيب، ولا نرى قرارات نيابية موحدة مدروسة وثابتة ترفض أن تُسَّير وتنطق بالحق حماية لحقوق المواطن ودفاعاً عن متطلباته بعيداً عن المصلحة، ولا نرى محاسبات واستجوابات فاعلة تقاضي الكبير قبل الصغير، أيعقل أن كل الوزراء والمسؤولين في البلد أمينون ورعاة ذمة وضمير حتى لا نجد منهم من يقف خلف القضبان؟! رسالة إلى كل المعنيين.. كفاكم ضحكا على عقول المواطن و”حدث العاقل بما يعقل”، فقد أصبح المواطن أكثر وعياً واستيعاباً لما يدور حوله، وما يحاك ضده تحت الطاولة، وأصبح أكثر تفتحاً ووعياً أمام الشائعات المغرضة الهادفة لإشغال الشارع وتقليل سقف مطالبه وإجباره بشكل غير مباشر أن يرضى بالقليل ويقبل بالواقع.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .