العدد 2327
الجمعة 27 فبراير 2015
banner
بخصوص الميزانية... الأقربون أولى بالمعروف فاتن حمزة
فاتن حمزة
رؤيا مغايرة
الجمعة 27 فبراير 2015


تتم لقاءات بين الحكومة وأعضاء مجلسي الشورى والنواب للتشاور وبحث الأولويات وتحديدها للاستراتيجية المتعلقة بالميزانية وأمور الصرف وتوظيف الموارد المالية المنفذة لبرنامج عمل الحكومة الذي تطلب موافقة المجلسين.
منذ بدء تشاور السلطات التنفيذية والتشريعية في موضوع الميزانية والمواطن يتابع عن كثب مترقباً النتائج، والسؤال الأهم الذي يدور في ذهنه، “هل هناك زيادة في الرواتب”؟!
قبل أيام صرح النائب ‏أحمد قراطة بتصريح يقول فيه “لن يتم التطرق لزيادة الرواتب في ظل هبوط أسعار النفط”!
وقبله صرح وزير المالية بأن “توجيه الدعم سيكون لمستحقيه من المواطنين بغرض خفض عجز الميزانية والدين العام”!
تلميحات هشمت آمال المواطن وعاد يعض على الفتات الذي لا يكفي الحاجة خوفاً من فقدانه هو الآخر، مردداً “هذي أولها الله يستر من تاليها”. تعمل البحرين منذ سنوات على تنويع مصادر الدخل لتفادي تأثير أسعار النفط على الميزانية، ونجحت في رفد الاقتصاد بالموارد عبر تعزيز القطاع المالي وصادرات الألمنيوم، ورغم ذلك مع أول انخفاض للنفط يكون المواطن في الواجهة وأول من يدفع الثمن، ومن جهة أخرى يرفع عن الكثيرين الدعم بغرض خفض عجز الميزانية!
مهما كانت نتائج اجتماع السلطات التنفيذية والتشريعية حول الميزانية وقراراتها الترقيعية الصادرة بمزاعم إصلاحية لمخلفات تراكمية، مصرحة بأعذار تبريرية كسبل تهدف لتقنين المصاريف وخفض الحمل على الميزانية، لن تتمكن مطلقاً من إقناع المواطن بأن يركن جنباً متطلبات أساسية لطالما ناشد بها وتذلل لينالها ولم يجدها حتى في وقت الرخاء، لن يقبل المواطن أن يكون كبش فداء يعوض الفوارق حال حدوث أية متغيرات سلبية تطرأ على الساحة أيا كانت سواء سياسية أو اقتصادية، ستبقى زيادة الرواتب وتوفير المسكن الملائم أول وأهم أولوياته خصوصاً مع غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار، فليس هناك سبب مقنع يجعل المواطن يعرب عن أهم مطالبه طالما تمرر أمامه ملايين منها تسير في المجهول ولا يجد من يجيب تساؤلاته، وأخرى للسباقات ومنها مبالغ طائلة تستنزفها وزارة الثقافة للترفيه والمهرجانات!
عند المطالبة بمبالغ تحل قضايا مكدسة وهموما معلقة واستثمارات تعمل على تحسين مصادر الدخل والناتج القومي، أو طلب زيادة رواتب المواطنين والمتقاعدين حيث ساءت أحوالهم لضنكة العيش وصعوبة الحياة، يتم رفضها بعذر انخفاض أسعار النفط، وارتفاع الدين العام الذي بلغ 5.3 مليارات دينار (14 مليار دولار) حتى نهاية الربع الثالث (سبتمبر) 2014، حسب بيانات رسمية صدرت عن مصرف البحرين المركزي، نحن لا ننكر التحديات والضغوط التي تواجه البحرين، ولكنها عجزت عن اقناع المواطن رفضها لمتطلباته وتمريرها الملايين لتفعيل القطاع السياحي واستقطاب السواح، ولكماليات ترفيهية أغراضها لا تقارن أهمية بما يعانيه المواطن. “الأقربون أولى بالمعروف”، فالمواطن أولى من الغريب بهذه الأموال خصوصاً أنه يطالب بأساسيات لتمكنه من العيش بعزة وكرامة، نحن لا نطمح للتباهي فقط بأعداد الزوار والسائحين، فما نطمح إليه بالفعل ونحلم به أن نتباهى بأننا أسعد الشعوب، حينها سنكون قادرين على تحقيق المزيد من المكاسب والمنجزات بتسخير تلك السعادة للعطاء. بالفعل هناك توقعات لتزايد عجز الميزانية العامة للدولة للسنتين الماليتين المقبلتين مع تراجع أسعار النفط إلى ما دون 70 دولاراً للبرميل، وهذا ما ينبئ بمزيد من الاقتراض في العامين المقبلين 2015 - 2016، ونضيف عليها ضغوط شعب يلاحق الدولة للإفراج عن همومه، مهمة شاقة تنتظر الدولة ومجلس النواب تتطلب وعيا وشراكة فاعلة وتوحيدا للأهداف، وتعاونا حقيقيا بين الوزارات والنواب بدل اسلوب الترضيات على حساب المواطن.
يجب ترتيب الأولويات بأن يكون المواطن هو الاستثمار الأول، لضمان تحقيق نهضة صلبة متأصلة ممتدة من الجذور حتى القشور محققة الرضى الذي يحول النهضة والتقدم والنماء لتاريخ نفخر به وتفخر به الأجيال القادمة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية