العدد 2261
الثلاثاء 23 ديسمبر 2014
banner
“مخرب تائب!!!” فاتن حمزة
فاتن حمزة
رؤيا مغايرة
الثلاثاء 23 ديسمبر 2014



منذ دخولي عالم الصحافة الذي تزامن مع الأزمة في البحرين وحتى اليوم وأنا أتلقى رسائل وبعض الاتصالات من مخربين يقطنون داخل القرى، يصرخون يستنجدون لمن يمد لهم يد العون ويحررهم من الظلم والاضطهاد من قادة أسروهم واغتالوا أحلامهم ودمروا مستقبلهم وسلبوا منهم عقولهم، وأجبروهم على التبعية باسم المظلومية والدين..
ضغوط رهيبة يعيشها من يتمرد على أوامرهم قد تكون أرواحهم ثمن لها، قادة قرروا عزل أنفسهم عن المجتمع فسار خلفهم أتباعهم سواء قبلوا بقراراتهم أم لم يقبلوا، غطرسة وتسلط وتكبيل للآراء حال دون تحقيق حرية حقيقية تعبر عن رغباتهم وميولهم..
الشاب “حسن” واحد من هؤلاء الضحايا الذي استغوتهم جماعة إرهابية لينضم إليها مستغلين وضعه المادي والاجتماعي، فهو من أسرة فقيرة والدة كبير في السن وهو المعول الوحيد لها..
في عام 2009 سجن لمدة سنة و8 شهور بسبب قضية أمنية، وفي عام 2011 تم الإفراج عنه لتبدأ رحلة المعاناة، فالفترة التي قضى فيها في السجن كانت عذابا ومشقة له ولأسرته التي توقف عنها الدخل كونه هو من يعول والديه وإخوته، كانت لحظات عصبية ودرسا قاسيا كفيلا بترويضه وإعادة رشده لفتح صفحة جديدة، إلا أنه صدم من الواقع بعد خروجه، فقد ذاق أياما مريرة أشد قسوة من سجنه، فهو اليوم “حسن” الإرهابي المخرب المنبوذ أمام المجتمع، كان بإمكانه اللجوء لرفاق الأمس لكنه لم يدرك أن قرار الخروج من هذا العالم والتصالح بالاندماج لعالم النزاهة والإخلاص والوفاء سيكلفه الكثير، اليوم هو مرفوض عند جماعته كونه في منظورهم “خائن”، ومرفوض عند الموالين كونه كان خائناً ولا يستحق الثقة، لقد فقد ثقة الطرفين ليكون الناتج شاب منبوذ عاطل يبحث منذ 4 سنوات عن لقمة العيش ولا يجدها لا في القطاع الخاص ولا في الجهات الحكومية كونه لا يحمل شهادة حسن سيرة وسلوك، والتي قانونياً لا يمكنه الحصول عليها إلا بعد سنتين من تاريخ تقديم رد اعتبار لمسح بصمات القضايا التي كان مدانا فيها، كما منع من دخول المملكة العربية السعودية، فعندما ذهب لأداء العمرة في 2012 أبلغته الجهات السعودية بعدم استطاعته السفر والدخول، وذلك بأمر صادر من وزارة الداخلية البحرينية لأسباب أمنية!!!
يوم عن يوم تتدهور حاله أسرته ويشتد المرض على والديه وتستاء حالته النفسية بسبب الضغوط والإحباطات التي وصلت به لحد التفكير في الانتحار بعد أن فقد الأمل في الحياة وتحطمت كل أحلامه وطموحاته وقلت عزيمته، ولا زال ينتظر من يحتضنه بعد أن أغلقت أمامه كل الأبواب، وهو يناشد اليوم رئيس الوزراء حفظه الله وأصحاب القرار أن يمنحوه فرصة ليعيش كمواطن صالح، من خلال الإسراع في منحة شهادة حسن السيرة والسلوك ليتمكن من الحصول على وظيفة ويحقق أحلامه، كاستكمال التعليم والاستقرار بالزواج، والسماح له بالسفر لاسترداد حياته الطبيعية التي تمكنه من الاطمئنان على أسرته ومستقبله.
نموذج متكرر في واقعنا بأسماء مختلفة شبيهة بوضع “حسن” تؤكد أن ليست كل غلطة يمكنها أن تغتفر وتمر مرور الكرام، فهناك اعتبارات وضوابط ومبادئ وقانون لا يمكن تجاوزه، وسمعة يجب المحافظة عليها لينعم المواطن بحياة هادئة مستقرة.
تجربة وددت طرحها ليست للعبرة فقط بل لمناشدة الدولة النظر في حالته وحالة أمثاله باحتوائهم وحمايتهم من قادة أرهقوهم وأسروهم ودفعوهم للسقوط في الهاوية بوضع السيوف على رقابهم، فكم وكم ممن يحسب تابعا لمنظمات إرهابية تهدف للنيل من الوطن نجدها تحرق تخرب تقتل إلا إنها مجبورة ومغصوبة، إلى متى الصمت عن جبروت قادتهم؟! ومتى سيفك أسراهم، أليسوا هم جزءا من المجتمع وفسادهم من فساده؟!

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .