العدد 2484
الإثنين 03 أغسطس 2015
banner
.. رجال المال.. مرضى السياسة!! فؤاد الهاشم
فؤاد الهاشم
علامة تعجب!
الإثنين 03 أغسطس 2015


.. توفي في بغداد -قبل أسابيع- أقدم معارض عراقى ضد نظام صدام حسين، ويسمونه “عميد المعارضين” وهو “سعد صالح جبر”، ابن رئيس وزراء العراق في العهد الملكي “صالح جبر” والذى اشتهر -هو ونوري السعيد- بهتاف العراقيين ضده في المظاهرات عقب توقيعه إتفاقيه مجحفه مع بريطانيا في الأربعينيات حين نزلوا إلى الشوارع يصرخون.. “نوري السعيد.. قندرة، وصالح جبر.. قيطانها”، و”القيطان” باللهجة العراقية تعنى.. الخيوط! وبالكويتى تعنى: “نوري السعيد.. جوتى، وصالح جبر خيوط الجوتى”!! العميد “سعد” غادر العراق بعد أيام على نجاح حزب البعث في الانقلاب الذى أوصله للسلطة أواخر الستينات، وقد حاول بالإتفاق مع ضابط جيش برتبة لواء هو “عبدالغني الراوي” القيام بانقلاب ضد.. الانقلاب، لكنه فشل، حاول الحصول على دعم من شاه إيران لإسقاط “البعث” لكنه فشل.. أيضاً!! لم ييأس، ودفعه كرهه لصدام حسين وجماعته للوقوع في موقف تاريخي طريف ما زال العراقيون والأردنيون يذكرونه، إذ شكل وفداً ثلاثياً منه ومن السيد “مهدي الحكيم” والشيخ “طالب السهيل” الذى اغتالته المخابرات العراقية بعد ذلك بسنوات، وذهبوا للقاء الملك الراحل “حسين” وطلبوا منه دعم بلاده لإسقاط حكم البعثيين في العراق، فما كان من الملك إلا أن.. “رفع كلتا يديه إلى السماء طالباً من البارى عز وجل أن يوفق المتآمرين في مؤامرتهم ضد حكومة أحمد حسن البكر”.. وكفى الله المؤمنين شر القتال! زار الولايات المتحدة الأمريكية كثيراً، وله علاقات قوية مع الحزب الجمهوري ثم أصدر جريدة باسم “التيار” وحزباً سياسياً باسم “حزب الأمة الجديد” وصرف على المعارضة الموجودة في لندن -ذلك الزمان- من حر ماله! كان “سعد” غنياً، بل مليارديرًا، يتوسط في عقد الصفقات بين الدول، وله علاقات تجارية ضخمة مع دول الخليج، بل أنشأ شركة طيران في أمريكا أطلق عليها اسم “جبر-لاين”، وأكثر من ذلك كان وكيل محركات “رولز-رويس” للطائرات في الشرق الأوسط، أى أن طائرة تشتريها أى دولة في المنطقة مركب عليها محرك “رولز-رويس” لا بد أن يقبض “سعد صالح جبر” نسبة خمسة بالمائة كعمولة.. له!! يصفه الزميل العراقي “فائق الشيخ علي” بأنه.. “رجل يمتاز بالطيبة والكرم والأخلاق والأصالة العراقية”، وقد عاد إلى بلده عقب سقوط بغداد بعد غياب قسرى عن وطنه إستمر 35 عاماً، وبالرغم من تاريخه الطويل في النضال ضد “أبو عدى” إلا إن الأمريكيين جاؤوا ومعهم “الجلبي
وربعه” من واشنطن، و”نورى المالكي وربعه” من طهران، وتركوا هذا المواطن العراقي الذى رفعت عليه زوجته قضايا “حجر على أمواله” لأنه كان يصرفها على دعم معارضة شعبه ضد حاكم.. دكتاتور!! قبل حوالي شهر، كنت في قاعة الدرجة الأولى بمطار دبي قادماً من “سان فرانسيسكو” وخلال فترة “ترانزيت” استغرقت خمس ساعات حين التقيت برجل أعمال عربي ملياردير كان “تاجر سلاح” في الحرب العراقية الإيرانية والتقيته
في الكويت في أوج ذلك الصراع منتصف الثمانينات، وعندما لم نكن نعلم هل الصواريخ التى تطلق على ناقلات نفطنا الكويتية جاءت من زوارق إيرانية أم من طائرات عراقية، وقد أخبرنى -وقتها- وأنا أتناول معه طعام الغداء
في جناحه الفندقي وهو يضحك: “الاثنان معاً كانا..يقصفانكم، الإيراني انتقاماً من دعمكم لصدام، والعراق لأنه أنهك من الحرب ويريد توسيع نطاقها حتى.. تتوقف تحقيقا للقول السوري الشعبي: “اذا ما كبرت.. ما بتصغر “!! كان ينتظر موعد إقلاع طائرته إلى ألمانيا وكنت أنتظر موعد إقلاع طائرتي إلى الكويت، فطرحت عليه سؤالاً خطر ببالي -ولم يعجبه كثيراً- قلت له فيه.. “لماذا يمرض رجال المال من داء السياسة”؟ أي .. “لماذا لا يقتنع صاحب المال بما رزقه الله ويعمل في تجارته بعيداً عن السياسة؟ وما هي الأسباب التى تدفع بأهل المال الأصحاء لأن يزجوا بأنفسهم، في مرض..السياسة”؟!! استرسل الرجل في إجابته معي إلى درجة أنني نبهته -لأكثر من مرة- بأن “النداء الأخير” لطائرته قد مر عليه أكثر من ربع ساعة.. دون جدوى! حديثه كان طويلاً سنجد وقتاً -ذات يوم- لنشره، لكن أهم ما جاء فيه إن “مرض السياسة يذهب بصحة المال فيقضي على صاحبه” مثلما احتاج الملياردير -وكيل محركات “رولز-رويس” السابق الراحل “سعد صالح جبر” إبن أشهر رئيس وزراء للعراق أن يتقدم بكتاب استرحام إلى الحكومة العراقية التى جاءت بها عمائم ملالي إيران يطلب فيه راتباً تقاعدياً يعينه على ثمن رغيف خبز يأكله، وحبة دواء.. تعالجه في وطن اختلط ترابه بدماء أهل البيت وطناة من كل .. شكل!!.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية