العدد 2330
الإثنين 02 مارس 2015
banner
البقر في عالم... البشر!! فؤاد الهاشم
فؤاد الهاشم
علامة تعجب!
الإثنين 02 مارس 2015


 .. في العام 2012، وبدون سابق إنذار، اشتعلت محطات التلفزيون الألمانية والسويسرية والإيطالية  - وبعدها كل محطات دول الاتحاد الأوروبي - بخبر حدث عاجل وقع على الحدود السويسرية الألمانية! سيارات الدفاع المدني ومروحية في الجو وسيارات دفع رباعي سارعت لإنقاذ... بقرة “ألمانية” كانت ترعى في أرضها وبين الجبال والوديان، ولكنها استسلمت لإغراء العشب الأخضر المنثور حولها في كل مكان، فتاهت على الحدود بين البلدين ولم تعد لحظيرتها ومالكها، فاستعان بالدفاع المدني الذي تابعها عبر الأقمار الصناعية وبواسطة الشريحة الممغنطة المعلقة في أسوار معلق برقبتها، فعثروا عليها “هائمة على وجهها” في أرض “اللبن والعسل والحليب” وليس بأرض “الظمأ والملح والنفط.. المحترق”! كما وصف أرضنا الملك الأردني الراحل.. حسين!! إذا كانت بهيمة هي “البقرة” قد حظيت بكل هذا الاهتمام الرسمي والشعبي والإعلامي في ذلك البلد الأوروبي الجميل. ولم يشعر أحد هناك بالراحة الا بعد أن عادت تلك “الهايشة” - وهو مسمى البقرة في اللهجة العراقية - إلى أهلها “سالمة غانمة مطمئنة”، فكيف الحال بالمواطنين الألمان من البشر ومدى أهمية سلامتهم وأنهم لحكومتهم وإعلامهم؟! قبل أكثر من عشر سنوات، وعندما انتشر وباء “جنون البقر” في الولايات المتحدة وأوروبا وابتدأت سكاكين الجزارين في المئات من المدن الأميركية والأوروبية تذبح وتنحر عشرات آلاف من الأبقار المصابة، تقدمت “كمبوديا” بعرض غريب وطريف طلبت فيه من هذه البلدان أن تنقذها من ملايين الألغام المزروعة في أراضيها زمن حكم “الخمير الحمر” وعن طريق إرسال كل تلك الأبقار المصابة بالمرض، فتطلقها لكي تركض في هذه الحقول، وتنفجر فيها الألغام وتتطهر الأرض منها ثم تتمزق هي إلى أشلاء فتريح الشعب الكمبودي منها، وتريح كل جزار أميركي وأوروبي من مشقة.. ذبحها! اقتراح منطقي ومعقول، لكن أميركا وأوروبا.. رفضتا ذلك الاقتراح بحجة أنه “غير إنساني” ... للبقر!! خلال الحرب العراقية والإيرانية، وتحديدًا في العام 1982 وفي معارك “شرق البصرة” كان آية الله الخميني قد اخترع مصطلح “الموجات البشرية” والمكونة من أطفال أصغرهم في الثالثة عشرة وأكبرهم لا يتجاوز السادسة عشرة من العمر تلقيهم الشاحنات بعشرات الآلاف ليصبحوا كاسحات ألغام بشرية “لاختراق الدفاعات العراقية وهم من أطلق عليهم اسم “حرس خميني” وكانت تصلنا صور مرعبة لأعداد القتلى لم نكن نستطيع نشر عشرة بالمائة منها لبشاعتها، واستمرت تلك “الكاسحات البشرية” في تقديم قرابينها حتي بلغت الذروة في “جبهة الهويزة” عام 1985 حيث أمرهم قادتهم عبو حاجز مائي أقامه العراقيون ثم.. فتحوا عليهم الكهرباء وهم داخل.. المياه! يقول لي ضابط عراقي كان برتبة رائد - عقب انتهاء الحرب - إن “الكهرباء التي سحبناها من محطات البصرة لقتل حرس خميني في معركة هور الحويزة لم تجعل أحدا في كل المحافظة الجنوبية يستطيع أن يضيء لمبة واحدة”!! رفضت أميركا وأوروبا أن تموت أبقارها “في حقول الألغام ووافق الخميني علي موت عشرات الآلاف من البشر في حقول الألغام والبحيرات... المكهربة!! ثلث ضحايا “حرس خميني” من الأطفال قضوا في معارك “ديزفول” و”الشوش” و”شرق الكارون” و”المحمرة” بينما خرج عشرات الرجال الالمان من الدفاع المدني لإنقاذ.. بقرة!! من التحذيرات التي ينقلها بعضنا لبعض خلال رحلات السفر بالسيارة في دولنا العربية “العتيدة” أن.. “إياكم وتناول الطعام خلال الطريق من المطاعم أو الاستراحات، وتحديدا تلك التي تقع على... الحدود، حيث تغيب الرقابة وينعدم الضمير! دخلت إلى “حمام عمومي” في سويسرا علي الطريق السريع بين “جنيف” والحدود الألمانية، فإذا بي أمام جهاز يطلب مني دفع “فرنك سويسري واحد”.. ما يعادل ثلاثمائة فلس - من أجل “قضاء الحاجة”! دفعت الثلاثمائة فلس ودخلت دورة مياه أنظف من غرفة نوم بفندق... عراقي! كل ما قلته في السطور الماضية كان مقدمة ليس بالطويلة ولا بالعريضة لأطرح سؤلا على أقرب “يمني حوثي” يمكن أن تصل اليه كلماتي لأقول له: “إيران تدعم الحوثية والحوثيين، فما الذي قدمه ملالي طهران من رفاهية وعز لمواطنيها حتي تستطيع أن تقدمه.. لكم”؟! لو كان “عبدالملك الحوثي” يتلقى الدعم والمؤازرة والتأييد من.. “سويسرا” أو “الدانمرك” أو “السويد” لذهبنا - نحن شعوب الخليج قاطبة - إلى “زعيم أنصار لله” وبالعين صارخين: “من لم يكن منا حوثيًا، لتمنى أن يكون.. حوثيًا”! و.. “كلنا فداء .. للحوثية”! لكن واقعنا أكثر مرارة من الصبر، وأشد إيلامًا من الحرق، وأقسى حدة من.. السم “فداعش وماحش والإخوان وحماس والقاعدة وحزب الله وجند الله، وجند المقدس “والخير لقدام” تجعلنا نحلم بأن نصبح.. “أبقارا ألمانية تائهة على حدود.. سويسرية” على أن تكون بشرًا في أمة - كانت في يوم من الأيام - خير من أخرجت للناس!!

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية