العدد 2417
الخميس 28 مايو 2015
banner
الإدمان .. المشكلة والعلاج هدى هزيم
هدى هزيم
الناس
الخميس 28 مايو 2015

مشكلة تطفو على السطح بين حين وآخر، وتشتد مع الزيادة الرهيبة في أعداد المدمنين، وزيادة المشاكل التي يسببها المدمنون، ليس على مستوى أسرهم وإنما المجتمع بأسره، فكل مدمن يجر وراءه مدمنًا جديدًا.
المشكلة تبدأ من الأسرة، حقيقة اتفق عليها جميع المعالجين، سواء أكانت أسرة مفككة أم أسرة تعيش في ترف، حيث يشكل غياب الرعاية والاهتمام من قبل الوالدين أو أحدهما سببًا رئيسًا لانجراف الأبناء إلى مستنقع الإدمان.
حماية الأبناء وعلاج المسببات تشكل محورًا رئيسًا للحد من الظاهرة، يجب التركيز على توعية أفراد الأسرة وطرق الحماية، فالوقاية خير من العلاج. من أهم العلاجات المطروحة، التركيز على توعية الآباء والأمهات بكيفية التغلب على المشاكل الأسرية ومعالجتها قبل استفحالها ووصولهم إلى مرحلة الطلاق.
في مواجهة ذلك، هناك حاجة ماسة لتدريب المتزوجين فن وطرق نجاح الحياة الزوجية وتأسيس أسرة مستقرة وآمنة، ونعيد ونكرّر في كل مناسبة أهمية إلزامية التعليم والتثقيف قبل الزواج من خلال دورات تخصصية، وتلك تجربة أثبتت نجاحها في كثير من الدول. نسب الطلاق مرتفعة بشكل مخيف وذاك يعني زيادة عدد المدمنين، ذاك مؤشر يستدعي التدخل والعلاج من قبل عدة جهات رسمية وأهلية وبشكل جدي. الجهود الحالية محدودة، والمشكلة أعمق مما نقرأه بالصحف. علينا التحرك ببرامج علاجية وتوعوية شاملة ومتطورة.
كما يبدو أكثر أهمية توعية الأبناء، وهنا نشيد بدور وزارة الداخلية في برنامج “معًا لمكافحة العنف والإدمان” كنموذج رائد في التوعية الهادفة والمثمرة لطلبة المدارس. إحدى المدمنات المتعافيات تولت برنامج توعية طالبات المدارس. وتلك أنجح وسائل التوعية والتأثير، حينما يستمع الطلبة لقصص حقيقية مباشرة من أصحاب التجربة.
لذلك، يبدو مهمًّا للغاية توفر برامج توعوية ضمن المناهج الدراسية ولجميع المراحل العمرية، تغطي جميع المدارس وبشكل مدروس وتحت إشراف المختصين لتحقق أهدافها المرجوة. حماية النشء وتوعيتهم أهم وأفضل من علاج المشكلة بعد وقوعها سواء للأسرة أو الدولة، فكلفة علاج المدمن تقدر بـ 150 دينارًا يوميًّا.
ما يقلق تأخر مشروع إنشاء مستشفى تخصصي يقدم العلاج بأسلوب متطور وشامل، وهو من أهم المشاريع الحكومية ونقترح تقديمه على مشاريع أقل أهمية تحتمل التأجيل، العلاج الحالي والوحيد في وحدة المؤيد يشوبه كثير من العيوب وطاقته الاستيعابية محدودة.
معاناة المدمنين وعوائلهم لا حدود لها. كثير من الأسر تتخلى عن ابنها المدمن لعدم قدرتها على التكفل بعلاجه في الخارج، فيبقى محبوسًا بدائرة الإدمان والترويج لحين وفاته بجرعة زائدة. تلك مأساة لا يشعر بها إلا من مّر بالتجربة أو عاشها عن قرب. ترك المدمنين دون علاج ناجح مصيبة تجر وراءها مصائب وضحايا جدد كل يوم، فمن المسئول ومن المجيب؟!.
وتفعيلاً لدور شرطة خدمة المجتمع، مطلوب حملات تفتيش يومية لأماكن وأوكار التعاطي كالبيوت المهجورة، وحبذا لو تمت توعية العوائل المحيطة بمنزل المدمن لتشديد الرقابة على أبنائهم. ولا بد من استثمار المساجد في توعية الشباب وتنويرهم بمخاطر الإدمان وكيفية التعايش مع ظروف الحياة الاقتصادية والاجتماعية.
نناشد وزارة الداخلية السعي لوضع تشريع لسحب رخصة السياقة من المدمنين على الكحول والمخدرات، منعًا لتكرار الحوادث المؤسفة. وتشديد الإجراءات داخل السجون، المدمنون أكدوا استمرار تعاطيهم فترة السجن، مما يعني سهولة وصول المخدر للمدمن.
كل ما سبق اجتهادات متواضعة وتبقى المسئولية على عاتق الدولة ومؤسسات المجتمع المدني، التغلب على المشكلة والحد منها يتطلب تضافر جهود الجميع.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .